بداية شهر شتنبر 1985، على ظهر «مراكش» الباخرة التي تشق أمواج البحر الأبيض المتوسط من مدينة «سيت» الفرنسية إلى «طنجة» عاصمة البوغاز.. جلس «الثلاثي» يحتسي قهوة سوداء المشروب المحبب للإعلاميين.. حول  طاولة واحدة كل واحد شارد.. يقرأ فنجان «قصة الأمس القريب».. يفكر في المستقبل المجهول.. 
شرد بي فكري لشاطئ الذكريات التي ما زالت عالقة بأذهاننا كلنا إلى اليوم الموعود، يوم وداع الأهل والأحباب بالدمع والحسرة على أيام غيرت تقاليدنا بحلوها ومرها.. بأبيضها وأسودها.. تعلمنا الكثير لأن السفر مدرسة إضافية للإنسان.. إنها سنة الحياة.. 
كل عضو من قلعة «الصقر» خطط بقلم أسود، كلمة الوداع.. أكان محررا أو مخرجا أو مصورا أو إداريا أو «فراشا» بلهجة الخليجيين .. كانت مفردة  واحدة لا غير هي المترددة بعد أن حل وقت الرحيل...  كلمة خططها الأستاذ رئيس التحرير على غلاف أسود وبلون دم «عشرة» دامت لبعضنا من 1982 إلى 1986.. وعبد ربه من 1984 إلى صيف 1986....» وداعا»..
حمل عدد الوداع تأملات وذكريات كل واحد من الزملاء المختلفة جنسياتهم.. تفكره بالأمس القريب وسطرت كلماتي ب «لا تقل كنا»...
نعم «لا تقل كنا».. لأن الإعلامي سيلتقي بدون شك زملاءه في دورات ودورات.. زملاء إقتسم معهم متاعب مهنة خلال رحلاته السندبادية.. وعلينا أولا وأخيرا أن نؤمن بالواقع، وبأن لكل شيء نهاية كما له بداية.. والأمل قائم ما دامت هناك حياة.. وهذا الفراق هو حافز للقفز أكثر وأسرع وأقوى.. وهذه حلاوة أخرى.. لقاء وفراق..
أعود لقهوتنا السوداء ولا أتذكر من من «الثلاثي»  إنتزع من قراءة  فنجانه الغامض.. وشرودنا في المستقبل المجهول.. وسأل.. ماذا سنسمي مولودنا الجديد..؟ بعد أن إقتنعنا بأن عودتنا لن تكون إلا لقارئ تابعنا من «الميثاق الوطني» إلى «الصقر» من الخليج وشرق آسيا الى إفريقيا وشمالها.. عودة ستكون بتفكير وتخطيط إحترافي.. بخارطة طريق وبتجربة بناءة ومفيدة لإعلامنا عامة وللرياضي خاصة..
أقترحت أسماء للنجم القادم، وطرحت ثلاثة أسماء أختير منها «المنتخب».. لسبب بسيط وكأن هذا المولود سمي قبل ولادته.. لماذا هذا إلإختيار «المنتخب»؟.. فلعدة دلالات.. كل الرياضات بفروعها تتوفر على «منتخب» من أبطالها لتمثيلها والمشاركة في الدوريات القارية والدولية ومنتخب المغرب شارك في مونديال مكسيكو 1986.. وأبلى البلاء الحسن وإنجازه بالمرور التاريخي للدور الثاني كأول بلد عربي/ إفريقي فرض علينا هذا الإختيار «والتايمينغ» لعب لصالح الإصدار.. وسهل  سبر أغوار الجماهير المغربية المهووسة بكرة القدم والتعلق بهذا المنشور إلى عشرينية هذا القرن ومستمرة إن شاء الله.. 
ما تبقى من تلك الصبيحة.. مناقشة ميلاد ورش بناء المنبر.. والتخطيط لطريقة إخراجه للنور وإلى القارئ.. بكاريزمية تبعده عن النمطية وتخرجه بحلة جديدة ومختلفة.. 
كانت هذه صورة مصغرة لعودتنا من الدوحة بعد توديع الأهل والأصحاب عبر مدينة باريس «عاصمة الأضواء»، لترسو بعدها باخرة «مراكش» بميناء طنجة، ولتستمر الحياة مثلما قلت سابقا «البراني عكوبتو لبلادو».. والعودة بعد أسبوع من الراحة والإطمئنان على الوالدين والأهل والأصدقاء.. لاجتماعاتنا وإستشاراتنا مع عراب «المنتخب» سي محمد برادة كما سبق..  
شكرا لقطر وقلعة «الصقر» ولرئيس تحريرها الأستاذ سعد الرميحي على كل الدعم المقدم بإحترافية خلال إقامتنا في الدوحة الفيحاء.. بل الأكثر من هذا إغناء زادنا الإعلامي بتوجيهاته وفرصه التي لا تعوض.
وبدأ مشوار»الألف ميل».. على الواقع أواخر أكتوبر 1986.. كيف..؟
تلك سطور قادمة.. مع «وابتدى المشوار »..