ماذا يحدث حقيقة بمطبخ مسيري الفرق المغربية؟ ما كل هذا الهرج المثار مؤخرا بلسان لاعبين منهم ابن الدار ومنهم الضيوف المفروض أن نكرمهم؟
كل يوم يطلع خبر وكل خبر يهد الجبال ولا أحد يخرج علينا ليطرد عنا غمة السؤال ويضعنا في صورة ما يجري ويدور، ويعلمنا إن كان هدا هو الواقع والإستثناء هو ما نتوهمه.
شهر واحد كان كافيا ليدلنا على أسباب ضياع قافلة المنتخب المحلي برواندا وكيف تاهت في صحاري المسابقات القارية التي تدخلها حالمة وتغادرها مصدومة.
قبل شهر طلع علينا الزامبي هارون كاتيبي بحقائق وتصريحات مثيرة كان تكفي لجر أشخاص للمساءلة والحساب، بعدما تحدث عن ترهيب مروع تعرض له من طرف رئيس المغرب التطواني وكيف صودر حقه في الدفاع عن مستحقاته بأساليب كشف النقاب عنها في عديد المداخلات وبدت أقرب للبلطجة منها لشيء آخر.
تحدث كاتيبي عن «شانطاج» بئيس مورس بحقه هو وأفراد أسرته الصغيرة وهو ما فرض تدخل كالوشا بواليا شخصيا على الخط مطالبا بإنصاف مواطنه، ليتم له ذلك بقرار من لقجع كي لا تفسد الرياضة ما تصلحه السياسة.
كاتيبي قبل أن يحط الرحال بتطوان كان لاعبا بصفوف الوداد، ليتم تصديره وتحويل اتجاهه حتى دون أن يبلل قميص بطل المغرب ولو لمباراة واحدة، فيما يعكس إصلاح الخطأ بالخطأ، خطأ انتدابه من طرف فريق كبير إسمه الوداد دون أن يكون للقلعة الحمراء مختصون يدرسون الصفقات على نار هادئة قبل وضع اليد بمداد العقود، وخطأ تحويله لمعترك المغرب التطواني مكافأة لمسؤولي الأخير على تسريع وثيرة انتقال السينغالي مرتضى فال.
بعد كاتيبي جاء الدور على لاعب آخر وهو البنيني نانا بادارو والذي كشف أسرارا مثيرة إرتبطت بمصادرة جواز سفره ومحاولة إرغامه على الإنتقال لمولودية وجدة، ومرة أخرى تبرز أخطاء الوداد التعاقدية كما برزت سابقا بمعترك الرجاء لينجح اللاعب في نهاية المطاف في فرض منطقه وليقبل بالتحول لوجدة لكن بعدما توصل بما اشترطه وطالب به وبطريقة تحفظ له كرامة الإنسان قبل كرامة اللاعب.
وما إن انتهى موضوع كاتيبي حتى عاد لاعب ثالث محسوب على صف الوداد ليفجر ما هو أقوى مما طلع به كاتيبي وبعده بادارو، ما قاله سيسي لم يقله مالك بالخمر، ما اعترف به سيسي وهو يتحدث عن فرق يرأسها مسيرون هم من يدير شؤون الكرة المغربية، أمر في غاية الخطورة والحرج.
سيسي قال أنه لا يعرف فريقا إسمه جمعية سلا بخارطة الكرة المغربية كي يلعب بصفوفه، وأنه وقع قبل سفره لمالي على وثيقة انتقاله لنهضة بركان التي يرأسها لقجع فوجد نفسه بعد العودة في حضن سلا.
سيسي تحدث عن الضغوط التي مورست عليه ليوقع على عقد يدخل هويته، تحدث سيسي وكلما كان يتحدث كان الألم يعتصر كل غيور على شؤون الكرة المغربية وهو يتلفظ بأسماء ينتظر منها الكثير لتخرج كرتنا المغربية من غرفة الإنعاش التي دخلتها قبل سنوات ويصيب فعلا بالدوار كل ما قاله.
مؤسف حقا أن تسقط فرق مغربية تسمى بالرائدة، وتمثل القاطرة التي يرجى منها جر عربة الكرة المغربية من حالة البؤس التي تعيشها، في أخطاء تعاقدية فادحة وتعمد بعدها لإصلاح الخطأ بالخطأ بكل الإساءات التي ينقلها كل هؤلاء اللاعبين لبلدانهم.
ما قاله كاتيبي بخصوص ترهيب أبرون، وعاد بادارو ليستحضره بخصوص غلطة الناصيري، وعززه سيسي برفضه أن يعامل معاملة دونية، هو أجمل اختصار واختزال لواقع سقوطنا المهين والمريع برواندا، وحملنا على إثره اللاعبين فوق ما يطيقون دون أن نخلص بعد لحقيقة أن أزمة كرتنا هي أزمة مسير بدرجة أولى.
وما إن انتهينا من خرجات الأفارقة حتى طلع علينا صعصع الجديدي بما يقسم الظهر ويشعر القلب بالحزن، لما عاشه بدوره من مقالب ولطريقة التخلص منه من طرف مسؤولي الدفاع الجديدي بكل ما انطوت عليه من رعونة وهواية.
ما نطق به صعصع حاول أن يرسم من خلاله بلخيضر كاتب اتحاد طنجة الإداري صورة كاريكاتورية ساخرة، ف «طبز لها العين» بمداخلة إن لم تنته بقرار قاسي فالمؤكد أن كرتنا المغربية لن تقوم لها قائمة بعد اليوم.
لو وضعنا هاته المشاهد في قالب سيناريو وحاولنا أن نجسد بها ومن خلالها فيلما، لانتهينا بكل تأكيد لتقديم فيلم رعب بمشاهد ممنوعة على القاصرين من أبنائنا المهووسين بالكرة؟