كي تزور الرأس الأخضر أو بلدا بها الحزام الإفريقي، أمامك 3 خيارات لا رابع لها، إما أن تكون من هواة الجزر والسفريات وممن أمسك ومن الله عليهم بالعطايا والرزق الوافر، أو أن ترافق فريقا مغربيا في رحلة قارية أو منتخبا وطنيا حملته الأقدار لمواجهة قرشهم المنطلق بسرعة القروش حين تمخر البحر بحثا عن صيد غال.
حالفني الحظ أن أكون ممن زار هذا البلد رفقة الفريق العسكري وفي مسابقة كبيرة إسمها عصبة الأبطال وكنت شاهدا خلال فترتين على ميلاد قوة كروية تستفيد من الدروس والمحطات وتطور نفسها وترتقي كل مرة للأفضل.
قبل سنوات حملت قرعة عصبة الأبطال الفريق العسكري لملاقاة فريق سبورتينغ برايا فريقهم الأول هناك، إنتصر الجيش هنا بسداسية منها 5 أهداف للعلاوي، وهناك خسر بهدف لم يكن ليغير من أمر التأهل شيئا ولا هو أفسد لوده قضية، والأمر حدث مع محمد فاخر وفي مناسبة أخرى ومع نفس المنافس وكي نصل لحقيقة أننا نتراجع وهم يتقدمون، سبورتينغ برايا خسر هنا من الجيش بثلاثية نظيفة ورد الدين هناك بالرأس الأخضر بنفس النتيجة فأقصي الجيش وكان مديح هو المدرب.
اليوم المنتخب المغربي المتجدد على عهد مدربه رونار يسافر لهذا البلد لملاقاة القرش الأزرق الذي تقدمه الفيفا علينا بـ 50 مرتبة.
نرحل لملاقاة منتخبهم الأخضر الذي كان خلال السنوات الأخيرة يتخلف علينا وينضوي تحت لواء ما بعد نادي المائة بحسب تصنيف الفيفا، ونحن في قبعة رابعة وهم أرقى منا وصاروا على الورق أفضل منا.
أتذكر وأنا ببرايا رفقة فاخر وكان معنا يومها العربي كورة الذي صال وجال بالقارة السمراء والزميل الإذاعي عادل العلوي، أن قال لي فاخر وبالحرف: «تذكر، الكرة بهذا البلد ستتطور وسيكون لمنتخبهم وفرقهم شأن كبير عما قريب»، ولم يتأخر العربي كورة بلسان المجرب والخبير لتأكيد نفس الحدث والفراسة ونحن نتحول بشوارع برايا وعلى شواطئها التي أسدلت رمالها عبر كل جزر البلاد: «أنظر إنهم يلعبون الكرة بالشاطئ وبالشوارع والفضاءات ونحن يغزو الإسمنت فضاءاتنا الخضراء وهذا ما سيرسم الفارق قريبا»؟
غاية ومنتهى الأسف أن تطوى الأيام وتتعاقب السنوات وهي ليست بالطويلة على كل حال، لننتهي إلى الحقيقة المؤلمة والمرة كون منتخبنا الوطني الذي حين كان يؤسس لأول حضور لمنتخب إفريقي بمونديال المكسيك سنة 1970، ويومها ما كان لمنتخب الرأس الأخضر لا ذكر ولا حتى ضمن خريطة الكرة بالقارة، في وقت نقاوم ونرتعد اليوم ورونار يجمع حقائبه رفقة لاعبيه ليتنقلوا للعب هناك ونحن ننجز المعادلات (ماذا لو خسرنا، هل سنقصى مثلا؟).
ومنتهى الأسف أن نكون لم نستوعب بعد الدرس، كون ما جنى على كرتنا الوطنية هو الغول الموحش المسمى «بالعقار» واكتساح الإسمنت للفضاءات الخضراء وحتى المتربة التي أنجبت أساطير الكرة المغربية، ولم تقو ملاعب القرب وملاعب مشروع «حانوتي» على تعويضها اليوم.
سنكون بالقلب والروح مع منتخبنا الوطني السبت وبعدها الثلاثاء ونحن نمني النفس بعودة مظفرة من برايا غانمين من دون خسارة ولو أن منتخبهم وفرقهم داخل ملعبهم تصبح مجنونة ومخبولة وتلعب الكرة لأجل الكرة لا حسابات أخرى، ويكفي القول أن الجيش في فترته الذهبية رفقة مديح وفاخر خسر هناك تواليا في مناسبتين.
سنترقب ما ستؤول إليه الأمور ولو أني لا أقف بصف كون الفيفا تلزمنا باحترام تصنيفها لأنها لن تقنعنا حتى ولو قدمت البيانات التي تروق لها أن الرأس الأخضر أفضل منا بكل هذه المراتب.
سنظل متطرفين وموقنين أن بنعطية أفضل من هيلدون وزياش أحسن من مينديز وامرابط أكثر فاعلية من دجانيني وسواريس أقل خبرة من بلهندة، حتى يثبت العكس ولو أن منطقهم غير منطقنا، هم يؤمنون بروح المجموعة ونحن ننتصر للأفراد وهو ما يخلق الفارق ونرفض الإعتراف بهذه الحقيقة المؤلمة.
سنتغاضى عن كون معسكر مراكش عرف تهريب منديل ودس منديل في غرف اللاعبين خلسة إرضاء لهوى المدير التقني، وسنتغاضى عن كل هذه المنزلقات الخطيرة ولن نعكر صفو التحضير كي لا نوصف بما ليس فينا.
سننتظر معهم  وسنصدق حكاية أنهم يفهمون أكثر منا وعلى أننا نضع نظارات سوداء، وحظ موفق للأسود ورونار للإفلات من أنياب القرش الأزرق.