أطل علينا كالبدر في الليلة الظلماء بطلاقة وانسيابية ليخاطب رفيقي دربه بالجامعة لقجع والناصيري «من أنتم.. من أنتم إلى الأمام» على الطريقة القدافية وكانت محطة طنجة هي بابل العزيزية التي أطل منها رئيس الرجاء محمد بودريقة، مطالبا ببطولة حلال وعارضا لـ «صولد» رخيص حدد من خلاله أسعار المنافسة في زمن الإحتراف.
كثيرون يجدون في خرجات بودريقة الذي ما إن تتسحر معه حتى تصبح فاطرا بكل تأكيد، تقاطعات كثيرة مع خرجات القدافي، كلا الخرجات من المسليات المبكيات بفصولها المفتوحة على سجال يطول ولا ينتهي، و كلا الرجلين له كتاب أخضر فيه من العزف على وتر الهرطقات ما يغني عن كل تعميق وليس تعليق.
قصف بودريقة بطولتنا المسكينة قصفا وقال فيها ما لم يقله مالك في الخمر، ولعن الجميع وطالب صاحبة الجلالة بالتحري وتقديم شهادته في موضوع إدانته لبطولة كان لغاية أمس قريب من رعاتها، وخلال اليوم الذي دعت له الجامعة قبل شهر من المباركين لها والذين نثروا فيها شعرا بل قال بالحرف «بطولتنا الأولى عربيا وإفريقيا وحققت هذا بفضل مصداقيتها وروح التنافس الشريف فيها»، ما قاله بودريقة كان متزامنا يومها مع صولات فريقه المنتصر في 6 مباريات على التوالي، ولا أحد تجرأ للطعن في نتائج صاحب النواة وقالوا أن المنظومة البرشلونية أتت أكلها وحلت بركاتها.
في اليوم العالمي للشغل اختار بودريقة البطالة والعطالة وغادر سفينة الجامعة للمرة 11 لكنه هذه المرة أقام الشهود على خروجه الطوعي و«الديفيدي» المتزامن مع عيد العمال.
النقابات باعت «الماتش» في الصباح وبودريقة أعلن ميلاد نقابته الخاصة بـ «الماتش» ليلا مرددا علي وعلى أعدائي ومحددا لائحة مطالبه برفع أجر الشغب وزيادة التعويضات على الفتنة وأداء مكافآت الساعات الإضافية للغو و«الهضرة» ومضاعفة «السميك» الخاص بشحن الأجواء ورمي التهم على عواهن الباطل إلا أن يثبت العكس.
إستقال بودريقة في كل المناسبات، تاريخه الحديث حافل بهذه المنجزات، إستقال في رمضان وكررها في رأس السنة واستقال بين العيدين وأنهاها باستقالة فاتح ماي، ليركب في سفينة النقابيين ويترك للبيضي وأبرون وبوشحاتي وروسي فرصة البقاء في صف الحكومة مطالبين بجلده في ساحة عمومية وعلى رؤوس الأشهاد، ويلعن هو زيادة أسعار مباريات البطولة غير الخاضعة لدعم صندوق المقاصة.
صديقنا بودريقة بالفعل هو ظاهرة صحية تحتاجها بالفعل بطولتنا المغلوب على أمرها لأنه يمنحها الملح الذي ينقصها و«الشو» الذي يطل به كل مرة هو ما تحتاجه بالفعل، فلم يكفه أنها بطولة كسيحة هدافها يقتات بالتقسيط ومدربوها يأكلون بعضهم البعض، ولاعبوها كاسدون لا أحد يساومهم في مزاد العرض وجمهورها مشاغب وأرقامها مرثية تبعث على الخجل وحكامها صافرتهم شاردة وأحيانا مبحوحة، فأضاف الخل على الخمير وأعلنها بطولة انحرافية مع سبق إصرار وترصد، مؤكدا أنه يملك بدل الدليل عشرة على أنها بطولة مشرملة تستحق الإدانة.
قبل شهر تابعنا بودريقة ولقجع يتعانقان، وقبل شهرين سافر الجميع بمن فيهم الناصيري للخارج وتصالحوا على مأدبة واحدة، وقبلها بأشهر حضر الجميع مباراة الكلاسيكو بإسبانيا، وقبل كل هذا بودريقة قدم عربون محبة لرئيس الجامعة بأن اشترى له من بناني اللاعب حلحول ووضعه بـ «فيترينة» الفريق البرتقالي كما هو موضوع  حاليا الحارس المحمدي بين إطارات مرمى ملعب بركان.
دوام الحال من المحال، وأنا وابن عمي على البراني، أي أنا والبوصيري على لقجع والناصيري، لأن بودريقة وفي، ووفاؤه قاده للعودة لصف الجمهور، وتحياح الجمهور يغريه أكثر من «بريستيج» عضوية الجامعة، فقميص إلترا أفضل عنده ألف مرة من ربطة عنقه تمنعه من التنفس، حتى لو كان ذلك يقوده للتواجد مع إينفانتينو بالفيفا.
من يحاكم اليوم بودريقة ويطالب بشنقه عليه التحري في صدق الأقوال، وإن عجزت لجنة الأخلاقيات وما أدراك ما لجنة الأخلاقيات عن فك شفرة القانون الذي به يعاقب بودريقة وأشباه بودريقة ممن يطلقون للسانهم العنان، بعد أن ابتلعت هذه اللجنة لسانها وبدا أن أحكامها تفصل على المقاسات.
بسرعة جنونية انقلب الحال، فهذا البيضي الذي أعلن ذات يوم شراكته مع الرجاء وبودريقة وظل يغرف من بئر الرجاء ليضم لفريقه الحريزي لاعبي الأخير، نسي كل شيء وطالب بإعدام بودريقة، ولم يتذكر البيضي أنه في نفس الفترة من السنة الماضية لعن البطولة من هوارة وقال أن وجدة التي ظلت في بؤرة الحدث تواطأت مع سلا لتصعد ويضيع حق فريقه، وبعدها حل بمقر الجامعة تاركا لبن السباع بهوارة ومتمسحا بأهذاب الجامعة طالبا صفح رئيسها.
وها هو روسي يستغل وضعه كونه ممثلا لهيأة اللاعبين بالجامعة ليطالب بشنق بودريقة ومصفيا معه حسابا شخصيا على حساب أمانة المنصب وصدق التحري.
بطولة من احترافية تحولت لإنحرافية، ورئيس عصبة يفتح ملعبه ليشهد صفقة شراء حارس لفريق رئيس الجامعة، والبوعناني الذي تورط رفقة بودال في فضيحة بيع وشراء خرجا منها سالمين، فلا الأول أدين ولا الثاني دلنا علي كيفية استخلاص حق بني ملال ليجدا وبقدرة قادر مكان لهما ضمن لجنة التأديب وعضوية العصبة.
بطولة جمهورها يرسم بالسيوف أشنع صور التيفو بالمدرجات، هي بالفعل بطولة تبكي حال تسويقها وتقول ما قاله محمد عبد الوهاب «يا بطولة من يشتريك»، فمن يشتري منتوج بطولة فيها اتهامات بالبيع والشراء.