بين البطولة والمنتخب الوطني حديث خاص وبفوارق شاسعة في طرح قضية غياب اللاعب المحلي وفي هذه الظرفية بالذات عندما يتعلق الأمر بمباريات ودية ورسمية متقاربة في الزمن، وعندما يكثر الجدل على خلفية تجميد عضوية اللاعب المحلي في مبارتي الكونغو برازافيل الودية وليبيا الرسمية، لا يرى المتفرج العادي أو المتعاطف مع هوية اللاعب المحلي أن مصيبة البطولة في برمجتها الخاصة والحاسمة إلى غاية اقتراب موعد الشهر الأبرك هي التي تعيق هذا السير المغالى فيه لبطولة لن  تنتهي إلا بعد أسبوعين آخرين مع أن البطولات الأوروبية برغم مسارها الطويل في 38 مباراة مع احتساب الكؤوس المحلية انتهت بالبرمجة الدقيقة لجميع المباريات، ومعنى هذا الكلام أن غياب اللاعب المحلي عن عرين الأسود باستثناء الحارس البركاني عبد العالي المحمدي له تداعياته الخاصة من مؤدى الصراع القائم على لقب البطولة بين ثلاثي النار الوداد والفتح والرجاء والصراع المقاوم لتيار النزول، ما يعني أن الناخب الوطني من خلال قراءته لوقائع البطولة الإحترافية  مجبر حتى وإن تلقى إشارات قوية من أصحاب القرار الجامعي من أن يغض الطرف عن اللاعبين المحليين في ظرفية حرجة، على الحفاظ على المنتخب الذي فاز على الرأس الأخضر ومجبر على توسيع القاعدة حيثما شاء لتبرير بعض المواقف التي سيحرج فيها إن وقع في محظور الإصابات، وإذا كان من الضروري أن نضطلع بقدرات بعض المواهب التي ترسخ دورها القيادي في بعض أندية البطولة وقالت كلمتها الفعلية في التوهج والإستثناء ولم يخترها هيرفي رونار في ظرفية ودية جديرة بأن تأخذ حصتها من الدولية، فلأن شكايات الأندية الوطنية ستزداد فيما لو نادى رونار عليها حتى ولو في عز الصراع على اللقب أو النزول مع أن الرجل لا يعرف معنى لهذا الكلام لو كان ناخبا لمنتخب أوروبي.
والمشكلة ليست في رونار أو في غيره من القيادات التقنية التي مرت عبر تاريخ الكرة المغربية، بينما هي في صنيع جهاز البرمجة الذي لا يتقيد على الإطلاق بحسابات 30 دورة ولا يجزئ مرحلة الذهاب بنفس ما هو مدروس بالبطولات الأوروبية التي تلعب 19 مباراة ذهاب من الصيف حتى قبل الميركاطو الشتوي دونما احتساب إقصائيات الكؤوس المحلية وأخرى تتعلق بمباريات عصبة الأبطال الأوروبية وعصبة الأوروليغ، ما يعني أن صناع البرمجة الأوروبية يحترمون الأجندة العامة ويتوحدون جميعا في شمل الكرة الأوروبية بدقة واحترام الزمن والأجندة، ومشكلة برمجة البطولة الوطنية بقالب 30 مباراة فقط مقارنة مع 38 دورة بأنجلترا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا و34 بهولندا وألمانيا كأشهر البطولات وقس عليها ما جاور ذلك بأوروبا، يضع الكرة الوطنية في حسابات عسيرة مفادها أن الأندية الوطنية التي تلعب على الواجهات الإفريقية هي من تربك المعادلات الحسابية للبطولة بحكم مشكل الخطوط الجوية وبعد المسافة والسفر المتعب من دون أن يوجد لذلك حل دائم لمعضلة عدم تواجد طائرة خاصة تخفف على الأقل هذا الوزر الثقيل الذي يرعب قيمة البرمجة . ومع ذلك كان من المفروض أن نطرح الحلول الأخرى من مقاس إجراء البطولة في دورات أربعائية على الأقل لربح ما هو دولي حتى لا يضيع حلم المحليين ولو أن معيار ذلك تأكد خلال كأس إفريقيا للمحليين الأخيرة ولم تظهر لنا ملامح القوة الكبيرة لسيطرة الكرة المغربية على واجهة الأحداث القارية من صلب البطولة وخرجت خاوية الوفاض.
وعندما قاد هيرفي رونار نفسه نحو الإحتفاظ بترسانة المنتخب الوطني من خلال مبارتين فاصلتين أمام الرأس الأخضرمع استعادة بعض من الحرس القديم وتقديم وجوه إضافية لا يعرفها الجمهور المغربي (وسيم بوي وزكرياء العزوزي ) فلأن الرجل يؤمن بقدرات اختياراته الموسعة للطوارئ وقياس المراكز التي يعاني من خصاصها ويراهن على مكاسب جديدة باختياراته المستقبلية وليس قتلا لإختيارات الحرس التقني القديم لأنه يقف أصلا على نفس التوابث ويراهن على الإضافة التي لم يكن يراها الزاكي مثلا بهذا الشكل الجديد من الوجوه، وحتى إن كان يعرفها فعين أي مدرب تختلف عن الآخر، ولذلك ما وضعه رونار كقاعدة هو هذا الجديد في انتظار البحث عن أفضل الوجوه المحلية الممكن إضافتها كمعيار متوازن مع المحترفين بأوروبا، وأكثر من ذلك وما هو رائع في سجل الرجل الجديد أنه ضمن تدريجيا سباقا آخر على المستوى الأولمبي في اختيار ما لا يقل عن 18 لاعبا من فرنسا وهولندا وإيطاليا وبلجيكا مدعمين بلاعبين من البطولة سيلعبون وديا أمام الكامرون لقياس بوادر الإنطلاقة الجماعية حتى أولمبياد 2020، ما يعني أن الرجل سيلعب مباراة ودية على شكل تجريب هذا الكومندو الجديد في غياب شبه تام لأسطول البطولة من صنيع الأندية بفروع تقل أعمارها عن 20 سنة، وهو ما يعني أن سياسة البطولة والتكوين هش بدرجة عليا، ولذلك ربما آمنت الإدارة التقنية بما فيها هيرفي رونار عن مسلك سفراء الكرة المغربية في قاعدة الأندية الأوروبية.