متطرف في العشق بطبيعة الحال، ومتطرف في الذود عن حماها وعن تاريخها وألقابها فلا أقبل نقاشا بيزنطيا ينزع عن الملكي تاج ريادته وكونه كبير كرة هذا العالم ومن دون منازع.
لأجل ريال مدريد ومواعيده الكبيرة يتغير برنامجي اليومي، تتعطل مواعيدي الأسرية تصاب الأسرة كلها بحالة احتباس و عسر هضم مواكبة جنون اللحظة الذي يأخذني فيملكني ثم يأسرني فيفقدني خصال العقل والمنطق لأهيم كالمجنون على وجهي.
أي صبابة عشق تلك التي ورثتها بحب هذا الناصع البياض، أي حب أضناني وأي سهام أصابت سويداء الفؤاد حتى صار لا يقو على متابعة المواعيد الإستثنائية لهذا الفريق المميز.
سحبني تتويج ريال مدريد بالسان سيرو بعيدا، عطل بداخلي كل الحواس وتجمدت حركتي مشدودا، برصد هذه الهلامية التي ستحتاج كل فرق وأندية أوروبا لأكثر من نصف قرن آخر لمعادلتها ولن يجرؤ أحد على تخطي سقف العاشرة قبل زمن سيطول بكل تأكيد طالما أن الوصيف الميلان دخل مغارة التواضع وأطبق عليه بحجارة بيرلوسكوني ولن يغادرها قريبا.
قالوا عنه أنه ورث 5 كؤوس بسطوة الدم والحديد على عهد فرانكو ولم أكن لأصدق الرواية البئيسة، طالما أن الكأس ذات الأذنين الطويلتين في نسختها الجديدة هي في ملكية الريال أيضا، وأنا وأبناء جيلي تابعنا كيف أن 5 منها دخلت راضية مرضية خزانة الأبيض منذ ليلة الأرينا بأمستردام والقبض على السيدة العجوز بهدف مياطوفيش سنة 98 وبعدها بسنتين بحضرة باريس وقتل أحلام فالنسيا ثم بعدها بسنتين كبح جماح ليفركوزن بهدف الخرافي الأسطوري زيدان وبعدها التعبئة المضاعفة والمكررة أمام الأتلتي وفي سنتين أيضا.
ملخص الحكاية أنه للريال 5 ألقاب في النسخة المنقحة وهو وحده من يملك هذا الرقم لذلك هو ملك في النسخ القديمة المنسوبة لفرانكو على حد قول من يحسدون الملكي وهو ملكي في العهد الجديد الذي ترعاه اليوفا والفيفا.
علمني حب الريال أن أعشق كرته فلا تطربني كرة غير التي تطاوع أقدام لاعبيه، وعلمني حب الريال أن لا ألتفت لباقي البطولات إن كان للملكي منها 3 دزينات ما لم تحضر أمجد الكؤوس كل مرة لتذكرة العالم أنه للكرة الأوروبية سيد واحد هو الملكي وانتهى كل الكلام بنقطة وعودة للسطر.
قبل أشهر كتبت أن أفضل قرارات بريز منذ توليه رئاسة ريال مدريد كانت قرارين: جلبه لزيدان من اليوفي فجلب معه تميمة الحظ التي أهدت الملكي التاسعة المنيرة وتعيينه لزيدان مدربا حلفا للأخرق بينيتيز.
وقلت يومها أن زيدان سيكون هو دي ماتيو الجديد، لما استحضرت سيناريو تشيلسي لما تكالبت عليه النتائج فمنح شرف القيادة للاعبه الإيطالي السابق الذي انتهى به المطاف رمزا وبطلا بعدما جيء به إطفائيا بهزم البايرن في نهائي ذات المسابقة خارج كل توقعات المخمنين والمنجمين ولو كذبوا.
لأجل زيدان ارتجفت من أن ينهي هذا الفذ الرائع مساره منتحرا بحضرة فريق لا يرحم مدربيه ويطجنهم بيريز تباعا فلا يرأف به ولا بتاريخهم ولا بما أسدوه للكرة ولجماهيرها.
ولأجل زيدان خشيت أن يلفظه جمهور الريال وخاصة من لا ذاكرة لهم فيتجاهلوا ماضيه الرائع وهدفه الساحر لو يخطئ المرمى ويعانده الحظ ويعجز كما العطار في إصلاح ما أفسده بينيتيز.
زيدان هو بطل الليغا بالأرقام وبهجوم هو الأقوى ودفاع هو الأكثر صمودا وبنسق تصاعدي مرعب، وهو بطل أوروبا في ختام مشهد الألمعية التي لم يراهن عليها أكبر فلاسفة الكرة ولا تصوروا لها مشهدا بالنهاية السعيدة هاته، لذلك سيلج كما الأساطير سجلات العظام بأن كان الإستثناء الذي لم يحققه لا مورينيو ولا أنشيلوتي ولا مونيوز ولا غوارديولا ولا ريكارد ولا طراباطوني ممن يتقاسمون معه ثنائية التتويج لاعبا ومدربا.
هو استثناء كونه بلغ هذا اللقب لاعبا صحيح ومدربا أيضا صحيح لكن مساعدا للمدرب وكان برفقة أنشيلوني ويومها دون صحفي الأس الشهير روسينيرو تدوينة بالكاد فهمتما «زيدان هو تميمة حظ العصبة التي ذابت بحضور كارليتو».
ولو عدتم بشريط المباراة الشهيرة قبل سنتين أمام الأتلتيكو وياليتكم تفعلون ستلامسون حقيقة فعل ونفوذ وتأثير زيدان في تلك المباراة ويومها تجمد كارلو وآمن زيزو بحظ الفوز حتى والريال خاسر بالوقت المضاف من المباراة.
شكرا زيزو.. شكرا ريال مدريد.. الرد كان بميلان كي لا أتطرف باستحضار الماضي الذي لا يروق للبعض.. لأن الحاضر وبشهادة تويتر والفيسبوك وباقي المشتقات سجل إليادة بيضاء عنوانها «لا صوت يعلو فوق صوت الملكي».