شخصيا تحفظت على عكس ما أظهره البعض من قابلية و استعداد لشحذ السكاكين و إخراج الرماح من أغمادها، لتناول موضوع وحدث كبير وجلل تهاوى على الرؤوس والتقطه رئيس الجامعة بصدمة وهو في حضرة التناظر في الصخيرات كي يرسم رفقة زمرة من رافقوه في جلب الأفكار والمقترحات، خارطة طريق نقية لكرتنا الوطنية في أفق عقد مرتقب لو يكتبه الله عز وجل لنا في صحيفة العمر..
حجبت النافذة ولم أعبر عن موقفي، لأنني وضعت أمام خيارين أحلاهما مر (إما تناول موضوع تعاطي لاعبينا المحصنين بالإحتراف للشيشة بما يستحقه الأمر من نقد وانتقاد وبعضهم قد يرمينا بالمروق ويحشرنا ضمن خانة المشوشين لإقلاع وصحوة الكرة والمنتخب الوطني أو التريث وانتظار ما ستسفر عنه مباراة ليبيا وبعدها تناول الموضوع بالهدوء اللازم وهو الهدوء الذي يفيد كل تحليل بعد أن تمر العاصفة و تهدأ رياحها).
حرصت على متابعة مباراة الفريق الوطني وثوار ليبيا من المقهى حيث لا صوت يعلو على صوت الإستفتاءات المصغرة والعفوية في التعبير، وفي المقاهي يمكن أن تنجز استطلاع رأي ناجح كما يمكنك أن تنفذ لأعماق شعب الكرة وتسبر أغوار فكرهم وكيف يتعاطون مع الظواهر، حيث هالني بالفعل أن هذا المواطن البسيط الذي يرهن نفسه ووقته كلما داهمه موعد لمباراة تهم شأن أسودنا هو بالفعل غاضب وساخط بل حتى ناقم على بعض المحترفين الذين فقدوا أسهمهم بما أتته أياديهم التي حملت بين أناملها «الشيشة» الخبيثة وبدوا محترفين بالفعل لكن في نفث دخانها وشرب المعسل وارتشاف ثاني أوكسيد الكربون القاتل للياقة والمعجم للباقة.
هالني أن تكون لهذه العينة التي واكبت مباراة فريقنا الوطني وليبيا مواقف حاقدة وساخطة على بنعطية كلما لمس الكرة وبدل التقدير الواجب تحول كل هذا لتحقير، سيما بعدما تناهى لعلمهم رفض اللاعب تقديم اعتذار بسيط ليس لسلوك يضعه هو والبقية التي شاركته الفعل ضمن خانة الحرية الشخصية بل لنشر هذه الصورة فيسبوكيا وبمواقع يرتادها شبان كونوا ورسموا صورة هلامية ومثالية لقائد الأسود وصدمهم موقفه لاحقا، خاصة لما استحضر المعلق المصري بكثير من المكر في مستهل تعليقه هذه الحالة..
لحسن حظ العرابي أنه لم يبدأ المباراة وإلا لنال نفس جزاء بنعطية ونميمة الأرصفة، لأنه كل مرة كان يلمس فيها عميد الأسود كان هناك من يستحضر الحالة التي تورط فيها ويتربص بأخطائه ليكيل له نقدا لاذعا لا المقام ولا المقال يتيح إمكانية نشره.
وللمصادفات الماكرة ولسخرية القدر أن بنعطية قدم أمام ليبيا واحدة من أسوا إن لم تكن بالفعل أسوا مباراة له، بدأها بخطأ وهو يمرر كرة لا تمرر للمحمدي وأنهاها بخطأ حين ترك لاعبا هاويا إسمه الورفلي يقفز أعلى منه و يرتقي عاليا بلا رقابة ولا ضغط ولا حتى نزال هوائي ليسجل بمرمانا هدف التعادل.
عيبنا وحتى جرمنا أننا نتمادى في إظهار الأفراح ونستغرق فيها زمنا وننام في عسل ما نعده إنجازات وهي ليست كذلك وهو ما نبه له رونار في الندوة الصحفية التي أعقبت مباراة مراكش أمام الرأس الأخضر وحذر منه بعدما لمس تراخيا في نزال الإياب مقارنة مع جدية العرض ببرايا.
لم يقنعني بلاغ الجامعة ولا صيغته ولا ديباجته وهي تحلل مقاربة الشيشة وتؤكد بشكل مثير فعلا لكل قبح ولكل سماجة أنها تمت في يوم إجازة للاعبين وليست في معسكر مراكش، علما أن الصورة التقطت في نفس الفندق وباحة المسبح والحوض الذي يستحم فيه اللاعبون بمراكش..
بلاغ الجامعة هو العذر الذي هو أقبح من زلة بنعطية والعرابي، لأنه لم يأت صارما ولم يخرج رئيس الجهاز المناظر بالصخيرات في نفس توقيت صياغة البلاغ بسيف الصرامة البتار الذي وعد به ليعاقب من يستحق العقاب ولا صوت ولا لاعب يعلو فوق قميص الفريق الوطني.
المؤسف أننا نستورد من فرنسا دساتير التسيير الكروية وقوانين  اللعبة ونصبغها باللون المحلي ولا نجاريهم فيما هو أهم وهو صرامة القرارات وآخرها استبعاد بنزيمة ثالث هدافي الليغا وثاني هدافي ريال مدريد من منتخب الديكة لسوء السلوك الذي يعلو على الموهبة والأهداف وغيرها من اللوازم المتبقية.
ما قالته الجامعة يبيح للاعبين تعاطي الشيشة في غير المعسكرات و يجعل من رذيلة «التشياش» المصنفة رذيلة في عرف الرياضيين  مباحة، وهو العبث الكبير بعينه..
تساءلت كما تساءل غيري ولكم أن تتساءلوا معي: ماذا لو كان قد ضبط أولحاج أو معاوي أو أي  هجهوج أو أبرهون أو أي لاعب محلي بمراكش في معسكر أو غير معسكر يتعاطى الشيشة بتزامن مع حضور الفريق الوطني و تحضيره لموعد رسمي وفي غرة شعبان الفصيل؟
وعدت بالذاكرة لليوم الذي اعترف به لقجع كونه استشار مع محترفين لعزل الزاكي ونال رضا أغلبهم، وعن شرعية الفعل الذي يضع مؤسسة المنتخب رهينة بأيدي لاعبين يفترض أنهم ينالون أجر حضورهم لخدمة قميصه و الدفاع عن ألوانه ولا يتجاوز دورهم هذه المساحة..
لا أنتظر جوابا لأني أملك الجواب، المحلي كان سيعلق بجامع الفتنا وكانت سيكتب آخر سطر في مساره الدولي ومن يقر بالعكس فإنه بكل تأكيد منافق كبير.
الكيل بمكيالين والأحكام غير العادلة هي مقدمات كل تهاوي لصرح يخاله البعض متينا وهو عكس ذلك أوهن من بيت العنكبوت، ولعل الإشارة لاحت من رادس وتحتاج لقارئ جيد وحصيف؟؟