سرني كثيرا أن يكون بيننا مدرب يمشي في السوق مثلنا ويكلم الجمهور ويتبادل معهم الحديث، ذلك هو رونار الذي لا يجد حرجا في أن يتبضع في حواري و«سويقة» سلا العتيقة كما لا يحرجه أن يركض في مراكش بين النخيل مثل سائر الساكنة التي تبحث عن آذان المغرب بباقي السبل المتاحة.
وأكثر ما سرنا هو أن يحرص رونار على متابعة ما يكتب عنه وما يقوله الإعلام المغربي عنه وخاصة بعد حادث الشيشا الأخير وهو ما أخبرنا به مقرب جدا منه.
لم يكن هناك من داع ليخرج رونار عن جادة صوابه ويستعير قاموسه الذي تركه خلف ظهره في لوساكا وأبيدجان، حيث اشتهر بكثرة صداماته مع صحفيي هذين البلدين، حين داهمه زميل لنا سافر لتونس بسؤال هم ردة فعله إزاء ما أقدم عليه بنعطية والعرابي، وليؤكد أنه ليس مخبرا معنيا بالتحري خلف كل لاعب وتعقب آثاره حتى غرف نومه مع زوجته وهو من قال هذا وليس نحن.
لغاية اليوم يكون مقام رونار بيننا قد وصل شهره الرابع بالتمام والكمال لو نحن استعرضنا تاريخ 13 فبراير يوم تسميته الرسمية ربانا للأسود في وقت كان تاريخ تنصيبه السري قبل هذا التاريخ بكثير.
في هذه الفترة تعرفنا على فكر رونار وكونه يريد أن يفرض علينا أمرا واقعا وأن ينهي كل صلة وعروق سلفه الزاكي بادو، ولكم أن تراجعوا تشكيلة الفريق الوطني وكيف أحجم عن الدفع بشفيق أفضل لاعبي الأسود واكتشافات المرحلة لفائدة درار ولو مع اختلاف الفارق الذي لا يصلح معه قياس، وكيف اتعض على استدعاء بلحساني أفضل محترفي هولندا لفائدة العزوزي ووسيم بوي، وكيف أدار ظهره لتوتوح وكيف تجاهل كل من العدوة وحمد الله وياجور.
على رونار أن يأخذ درسا عميقا من نزال ليبيا التي واجهت منتخبنا المحترف بفريق من العاطلين كما قال مدربهم كليمانتي، وأن يخلص لحقيقة كونه مطالب بالإصغاء وحسن الإستماع لمن هم أدرى بشأن «البحيرة ديال الفريق الوطني».
لن نحمل الهدف الذي سجله علينا المنتخب الليبي على محمل التراجيديا، لكنه في المقابل هدف في صيغة الدرس، وما على رونار سوى أن يصغر رأسه وأن لا يركب الموج العاتي الذي يكون سببا في إغراقه.
مباراة ليبيا أكدت لنا وهذه قناعة شخصية أتحمل كامل المسؤولية فيها أن ثنائية بنعطية وسايس ثنائية مفضوحة ولا تتطابق وما ننتظره من منتخبنا الوطني حين يدخل صلب تصفيات المونديال.
ولو عاد رونار بشريط مباريات الأسود قليلا لأمكنه بلوغ حقيقة التناغم الذي سيطر على ثنائية العدوة وبنعطية وهما لاعبان شاركا في آخر مسابقتين لكأس إفريقيا للأمم ولعبا قدرا هائلا من المباريات سويا وما عليه سوى العودة لشريط مباراة مرجعية ضمت الأسود بالأوروغواي ثالث العالم ليصل لحقيقة أنها ثنائية فولاذية تبعث على الإطمئنان.
لو يصغر الموسيو رونار دماغه ويتخلى عن جبروته وتعنته المرتبط بتجاهل لاعبي الخليج ويفسح المجال أمام دعوة العدوة في نزال ساو طومي شهر شتنبر المقبل وهو نزال شكلي لكنه يسبق دخول فرن تصفيات كأس العالم بجانب حمد الله وياجور، سيكون رونار قد ربح الجميع وانتصر لصوت العقل والحكمة وخلالها سيضع الكل في قالب الإختبار ويترك الحكم عليهم للجمهور.
صوت العقل يفرض على رونار إعادة شفيق لمركز الظهير الأيمن بلا فلسفة ولا كثرة علم، وأن يدفع بدرار لحيث يتواجد أمرابط على الأطراف، طالما أن أمرابط هذا لم نشرب معه شربة ماء طيلة سنوات من حضوره المتواصل معنا وحتى مع الأولمبي بلندن وهو ليس من طينة من يركبون المغامرات ليتحفونا بالدرر والأهداف.
وصوت العقل يقول أن داكوسطا وعلى امتداد حضوره الطويل غاب أكثر مما ظهر لإصابة يعلم هو وحده تفاصيلها وحضوره بجانب العدوة وبنعطية يعدد خيارات رونار بخط الوسط في حال إصابة عوبادي أو الأحمدي.
لن يقنعنا رونار أن بوطيب أفضل من ياجور ولا حمد الله وعديد لاعبي البطولة، هنا من بطنا لغاية معاوي وحتى هجهوج والحافيظي هم أفضل بمسافة طويلة من بوطيب الذي نال بدل الفرصة 4 فرص.
على رونار أن يكون مرنا ويقتنع أن بلحساني هو ثاني أفضل لاعبي المغرب بهولندا بعد زياش و بالتالي إن كانت هناك من ضرورة لتعزيز التواجد الهولندي بعرين الأسود فبلحساني هو صاحب أولوية وقصب سبق.
وعلى رونار أن يقتنع ان اللعب ببوصوفة وزاش سويا فيه قتل لمنظومة هجومية تحتاج قائدا واحدا ونشاز لنوطة موسيقية يعزف فيها عازفان كل واحد على هواه.
الأمر سهل ولا يحتمل تعقيدا يا سيد رونار، ولا حرج إن رسخت نفس الثوابت التي اعتمدها الزاكي في محور الدفاع بحضور العدوة وبنعطية اللذين خاضا 28 مباراة سويا، وبعودة حمد الله مفجر الديناميت بقطر الموسم المنصرم وإلحاق ياجور بأدوار الجوكر التي أجادها وتم اغتيال حضوره واستدعائه لقناعة لم تقنعنا.
لو تحسبها بالعقل لا بالتعنت وتصفية الحسابات والعمل بمشورة من أوحوا لك باغتيال تركة الزاكي، أكيد سنحلم معك بدورة مميزة بالغابون وبسفر محتمل لروسيا.