ما تثيره كوطة اللاعبين الأجانب المحينة من جدل اليوم في أروقة النقاش ومواقع التحليل، يفرض قبل كل شيء أن نطرح سؤال التفاعل المتأخر مع قرار صدرعن  المكتب المديري للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وجرى تعميمه على الأندية وبات اليوم قرارا نافذا، إن رأت الجامعة عدم جدواه مع مرور الوقت بادرت على الفور لتنقيحه مراعاة لمصلحة الأندية وقبلهما مصلحة البطولة الإحترافية الوطنية التي يجب أن نحصنها ضد كل ما يمكن أن يسلبها القدرة على تلميع صورة كرة القدم الوطنية.
أذكر أن المكتب المديري للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بتوجيه من الإدارة التقنية الوطنية، أصدر قرارا معللا برفع السقف الأدنى للمباريات الدولية التي يفترض أن يكون أي لاعب أجنبي قد لعبها مع منتخباته الوطنية الأولمبية والمحلية والأولى على حد سواء، إلى عشر مباريات، وتدوول هذا القرار المحين على أوسع نطاق، وأبدا لم تتحرك أي من الأندية لإشهار نقطة نظام أو لمعارضة القرار بما يتردد علينا اليوم من دفوعات، ما كان يعني أنها قبلت بجوهر ومضمون القرار، قبل أن تنتبه خلال مرحلة الإنتقالات أو ما نسميه بالميركاطو الصيفي، إلا أن ضررا ما لحق بها وأن الكوطة المفروضة ستكبل الأيدي وستجعل أكثر الأندية الوطنية غير قادرة على الإستجابة لهذا المطلب لضيق ذات اليد أو هكذا يروج.
أي قرار يصدره الجهاز الوصي على كرة القدم تكون له أبعاد، ويتأسس على مقاربات موضوعية، وبفعل تضامني يجب أن نكون معه، حتى إذا ما تبين أنه أتى بنتائج عكسية بادرنا إلى تعديله وتنقيحه أو إلى إبادته من دون حاجة لما يتم اللجوء إليه اليوم من صراخ وراء الأكمات، وإذا كنت أتفق تمام الإتفاق مع الذين يستحضرون البعدين الإستراتيجي والقومي الذي يعتمده المغرب اليوم في بناء العمق الإفريقي وفي بناء منظومة العلاقات الجديدة التي يصطلح عليها «جنوب جنوب»، فإنني لا أحتمل تحت هذا الغطاء أن نشكك في القرارات السيادية إذا ما توافقنا على أنها تصب رأسا في مصلحة كرة القدم الوطنية.
يمكن لكرة القدم المغربية أن تؤسس كما تشاء وكما هو مقدر لها لشراكات إستراتيجية مع الدول الإفريقية الشقيقة، التي تعتبر اليوم سند ومقصد المغرب في بناء منظومة الإنفتاح على المحيط القاري، وأتصور أن رئيس الجامعة بادر إلى تفعيل هذا الأمر بكثير من المبادرات التي نرى لها تفعيلا وتنزيلا على أرض الواقع، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بمصلحة عليا لكرة القدم فلا شيء يمكن أن يجبر الجامعة على أن تفعل ما لا تقتنع به وما لا ينفعها، وعندما يتقرر تطبيق الكوطة بالمفهوم المتداول فإن الأمر يفرض أن نحترم القرار في عمقه ومبناه، الإحترام الذي لا يلغي الإختلاف الذي يقود للنقاش العميق.
إن كرة القدم الوطنية عندما تنفتح على محيطاتها الخارجية بالسماح للاعبين أجانب بالتواجد مع الأندية الوطنية، فإنها تفعل ذلك بهدف تخصيب المنتوج وتحقيق حد أعلى من التلاقح مع ثقافات كروية قريبة أو بعيدة منا، تماما كما هو الحال في دول كثيرة، وأبدا لا يمكن أن نسمح بأن يكون ذلك سببا في تهميش الكفاءات الوطنية وفي نفخ جيوب بعض رؤساء الأندية الذين ينتفعون بطرق كثيرة من المتاجرة في هؤلاء اللاعبين، ويمكنني أن أسوق الكثير من الأمثلة على الإستعمالات السيئة لكثير من اللاعبين الأجانب وبخاصة القادمين من جنوب الصحراء، فبحجة أن هؤلاء يؤتى بهم إلى إلى البطولة المغربية للإنتقال إلى بطولات أوروبية، تنجز عقود وهمية وتحدث تجاوزات لا قبل لنا بها، وتكون الضحية الأولى هي ميزانية الأندية التي تنهك بما ينفق ظاهرا ومضمرا على هؤلاء اللاعبين الأجانب، تحديدا الأفارقة، ويكون الضحية الثانية هو اللاعب المغربي الشاب الذي يسلبه اللاعبون الأجانب أربعين بالمائة من الحظوظ في التواجد في التشكيل الاساسي للأندية، لاعبون أجانب أكثرهم بلا أي قيمة مضافة..
إذا ما طرحنا على أنفسنا سؤال بسيطا: 
من هم اللاعبون الأجانب الذين تميزوا داخل البطولة الإحترافية للموسم الماضي من أصل 80 لاعبا أجنبيا تم توظيفهم داخل الأندية 16؟
الإجابة ستكون بلا شك صادمة، لأنه ليس كل لاعب أجنبي جيء به إلى البطولة الإحترافية يصلح لأن يصرف ما يصرف عليه ويصلح لأن ينتزع مكانا من لاعب مغربي من أجله وجدت كرة القدم.