أي مصادفة أم أي لعنة هاته التي تعطل حضور العميد المهدي بنعطية في المواعيد التي تتخذ فيها القرارات المهمة، وتحدد مصير الفريق الوطني بغيابات لو نحن إستعرضناها لخلصنا لحقيقة مؤلمة تلخص واقعا لا يرتفع.
آخر مشاهد تخلف بنعطية عن أقوى محطات الأسود كانت بتصفيات الكان، إذ إكتفى بظهور وحيد كان أمام ليبيا ولم يظهر بعدها أمام الرأس الأخضر في مناسبتين حسما فيهما أمر التأهل كما لم يحضر نزالي ساوطومي بالذهاب والإياب ودائما لنفس الطارئ وهو الإصابة في نفس الموضع..
نهاية الأسبوع سيتطلع رونار كما نحن لأهم مباراة بالسنة الحالية، وهي كذلك ومن كذب فليسأل رونار عن حقيقة ما دار بينه وبين رئيس الجامعة التي يتصدر رهان التأهل للمونديال القادم كل أهدافه، قلت لن يحضر بنعطية بفرانس فيل كما لم يحضر يوم إختتم الأسود تصفيات مونديال 2014 بكوت ديفوار ويومها عوضه رجاوي وهو أولحاج واليوم اليميق الرجاوي هو لاعب طوارئ لسد ثغرة غياب لاعب اليوفي، ومثير بالفعل غياب لاعب في نهاية مشوار تصفيات المونديال وبداية نفس التصفيات بعدها ب 4 سنوات لنفس العلة والسبب..
قيمة لاعب ما لا تقاس بما أنجزه في مشوار إحترافي سيما إذا حالفه الحظ ولعب لفريق عالمي بأن يكون محاطا بنجوم وأساطير كبار هم من يصنعون ربيع فرقهم، وإنما بقدرة هذا اللاعب على حمل أحلام وآمال جماهير بلد و منتخب بلد وهو ما لم يوفق فيه لأسباب متداخلة بين الإصابة والمشاكل الأسرية المعقدة.
ما ينجزه اللاعبون لمنتخبات بلدانهم هو ما يحملهم لخانة الأساطير ويؤرخهم في الخزائن الذهبية بالمداد الألماسي، ولعلنا كلنا حتى من لم يحالفه الحظ لمعايشة ومجايلة لحظة التتويج اليتيم بكأس أفريقيا 76 بإثيوبيا فقد تكلفت الروايات وما حكي وما حفظه الأرشيف بأن نذكر بكل خير اللاعب الجديدي بابا ليس لكونه لعب لبايرن ميونيخ أو جوفنتوس وإنما لهدفه التاريخي والذهبي.
بالأرجنتين تم جلد ميسي وتقديمه لسلخانة فظيعة بسبب ضربة جزاء أهدرها بالكوبا أمريكا أمام الشيلي وبعدها لا أحد تذكر ضربات جزاء وأهداف ميسي الخيالية، وما ترسخ في قرارة المخ هو كون ميسي برشلونة ليس هو ميسي الطانغو ففقد كثيرا من خصال التقدير لجماهير تقدس الأوطان لا اللاعبين.
ليس تحاملا على بنعطية وإنما هو إستحضار واقعي لمشاركاته مع الأسود، ولإسهامه معهم وما قدمه لغاية اللحظة هذا المدافع الذي لا ينكر أحد عصاميته التي إنتشلته من الضياع بعصب فرنسا للحضور بفرق عالمية وبطولات كبيرة، لا يشفع له في أن يخلد ضمن خانة أفضل مدافعي الأسود.
وحتى لا نرهق ذاكرة جماهير الفريق الوطني بإستحضار القامات العالية والباسقة لمدافعي الزمن الجميل، يكفي التذكير فقط بأسماء من طينة فهمي وروسي و القرقوري الرجاويين ونيبت الوداد وسماحي التريكي وحتى نكروز لنصل لحقيقة مؤلمة كون هؤلاء حتى  وإن إنطلقوا من هنا بالحفر والنحت على حجر التألق وكتابة أسمائهم لاحقا بعوالم الإحتراف إلا أنهم قدموا أكثر بكثير مما قدمه بنعطية الذي مازلنا نتطلع معه وبه لإنجاز قاري ولإحياء الصلة بالمونديال.
الفخذ الملعون لبنعطية وتكالب الإصابات عليه وما تسبب له إشكال والده مؤخرا من هزة نفسية، يفرض على رونار ومن الآن قراءة مشاهد الطوارئ الممكنة وغير الممكنة وقراءة واقع الغيابات التي قد تحضر في أزمنة حاسمة لمن تم تنصيبه عميدا وقائدا للمجموعة، كي لا يتأسس الحلم والمنظومة كلها على بنعطية وحده.
في سجلات التقييم أيضا يحضر تشكيل ذهبي لكل الأزمنة يتأسس على إختيارات واقعية تلامس حجم الإنجازات التي قدمها لاعبون من مختلف الأجيال، والمثير هنا وبإجماع من لا يغلبون العاطفة وباقي العوامل الأخرى في التقييم أن بنعطية وبكل النجومية التي صنعها أوروبيا وبالإحتراف يستحيل عليه أن يكون بما قدمه للأسود والكرة المغربية اليوم ضمن خانة الأساطير أو الأسماء الذهبية لمنتخبنا الوطني في مركز يتفوق فيه عليه لاعبون كثر وكبارا إمتدت سيرتهم الذاتية بعرين الأسود لما يفوق العقد من الزمن وبرصد مباريات تعدى 100 مباراة ولم يدمنوا الغيابات الإضطرارية.
نتمنى بصدق أن يتخلص بنعطية من لعنته هاته، كونه لم يوفق في أن يكتب حتى الآن مسارا ذهبيا بإنجاز فريد رفقة الأسود، وإن كان ذلك ما إنتابنا شك أن يكون في طليعة المرشحين للفوز بجائزة الأفضل إفريقيا، لأن ما عطل بنعطية عن تحقيق ماحققه إيطو ودروغبا وتوري وأوباميانغ وحرمه من منافستهم هو اختلاف السخاء و الحضور بألوان الأعلام الوطنية و ليس بما يتحقق في حضن نوادي تعج بنجوم من القارات الخمس..