هل يحتاج الوطن ونداء الوطن لمقدمات وغزل، ألا ينحني الكبرياء والكرامة وباقي المصطلحات العاكسة لما تجيش به العواطف ولما خدش أو جرح أمام هذا الوطن حين يهتف هاتفه ويدعو داعيه؟
تحدثنا كثيرا حتى أسهبنا في قضية زياش مع رونار، إستفضنا في التحليل حتى زاغ بنا قطاره أحيانا عن التجرد والمهنية فانتصرنا لطرح هذا على حساب الثاني، وتبنيا قصة الواحد على الآخر، بل أحيانا بتطرف وعصبية أكبر من البرود الذي رافق صاحبي الجدل نفسهما؟
بين رونار وزياش ولا يهم تسبيق أي منهما في شيء، خلاف حاد تجاوز مسلكيات الكرة كما اعترفا به معا، لأنه لا رونار بليد كي يقنعنا بما لا يقنع أن حكيم ليس لاعبا مهاريا وفي مستوى قميص الأسود ولا زياش قادر على حشد التأييد لمواقفه بإعلان الطلاق من جانب واحد حتى ينتفي شرطه وهو رحيل الثعلب عن العرين.
لكن منتهى الديماغوجية كما يعتقد احيانا الفرنسيون ومن فرط غبائهم أنهم أذكى من الجميع، أن أطلع على تصريح مستفيض موقع باسم باتريس بومل علبة رونار السرية وكاتم غيظه، وهو يخبر الكل ليخبروا الكل أنه لم يعلم ولم يسبق له أن اطلع على قصة اختلقها الإعلام إسمها خلاف المدرب باللاعب.
رمى باتريس بومل بورقة الإفتراء لمعسكر الإعلام والصحافة وأكد أنها تقتات من هذه الفضلات، وحري به كان أن يعترف بما هو سيد الأدلة أنه فعلا كان هناك خلاف وطويت صفحته وتم تقليب الدفتر وللثعلب الحق والصلاحية وصولجان الحكم والقرار الذي يجعله مالكا لزمام الأمر ليستدعي من يريد ولا يفرض الإجابة عليهم؟
لنترك بومل جانبا ويقيني كبير أن خرجته هاته كانت مقصودة وموجهة وبأمر الناخب الوطني كما كان يفعلها مورينيو مع إيطور كارانكا، بجعل المساعد مجرد نافخ كير إما أن يحرق الجميع بجرأته أو يحترق هو بصنيع زفراته.
ما يهمنا في سياق استدعاء زياش هي اليد الممدودة من رونار، هي سعة صدره التي جعلته وبفن التنويم الذي ييده وبدهاء الثعالب ومكرهم، يرد على من شككوا يوما في مواقفه أو أنه يتجاهل القادمين من بلاد الطواحين ويتعمد أن يعاملهم بظهر قميص الأبيض الناصع.
إنتظر رونار السيكولوجي، رونار البراغماتي ورونار الثعلب لغاية موعد مباراة هولندا ليوجه الدعوة للاعبينا هناك بـ «الجملة».
ولو استدعى رونار أيوب وماحي والأحمدي وأمرابط كان سيجلد بسوط عنصريته وكان سيظهر نشازا في الصورة حاقدا على حكيم ومستثنيا إياه، وما كان سيغفر له اللاعب فعلته بأن يهينه أمام منتحب هولندي خطب وده فرد له اللاعب المغربي خاتم الخطوبة ومهر الزواج.
رونار رمى بالمنشفة بعيدا عنه، ترك الكرة في معترك الجامعة وحكيم وتلك فعلة لا يأتيها إلا مدرب ضليع، ذكي وماكر بخصلة المكر الإيجابية لا المقيتة كما قد يتصورها البعض، لأنه إن قبل زياش الدعوة فلن يضره شيء وإن رفضها فقد حكم لاعب الأجاكس على دوليته ما دام رونار مروضا بالإعدام ولانتصر المدرب وضاعت من ضفة حكيم فئة واسعة من المتعاطفين.
رونار بمختصر الكلام لجأ لآخر علاج بالكي، إستدعى زياش كي ينهي هذا الداء بنفس الدواء، حاكى ما يفعله العشاق وملوك القوافي حين قالوا «وداويها بالتي كانت هي الداء».
حظ موفق لفريقنا الوطني ولا عزاء للنافخين على جمر الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وهنا قد أتفق مع بوميل في جزء من الكل الذي صرح به.