لئن كان الأمر يبدو طبيعيا أن يبادر الجنرال الجزائري عبد الحق بن شيخة لتحصين نفسه من غدر عاديات الدهر ونزوات حسبان، وهو الذي راقب كيف أن حسبان إلتهم في أقل من سنة رأسين كبيرتين وغليظتين بدأها الصيف برأس الطوسي وأنهاها بالصيف برأس محمد فاخر، فإن الغرابة تكمن في قبول هذا الشرط دون توجس أو قلق من الجهة الثانية.
خوفه من غدر الرجاء، من بطش ونزوات الإقالة الجاهزة والسريعة وسعيه لتأمين حضوره وبقائه لأطول فترة ممكنة، هو من قاد بن شيخة ليجعل من المناسبة شرط كما يقولون والمناسبة في فرض شرط جزائي قيمته 500 مليون سنتيم، يسددها الرجاء وليس حسبان في حال رغب الفريق في رحيله قبل الأوان.
وعلى ما يبدو فإن الأسوأ لم يحن بعد داخل الرجاء التي سيكتب عليها التعايش مع ظروف حالكة زمنا آخر وفترة مقبلة يعلم الله وحده منتهاها.
جزمنا مرارا أن بن شيخة هو ابن الدار ومرحب به بيننا، وكيف لا يكون الأمر كذلك وقد تحول في فترة ومن دون مركبات نقص لمفتي في الأمور التقنية للأسود والفريق الوطني ومحلل يرمي بدلو أفكاره كلما دعاه الأمر لذلك.
أليس هو من استغرب قبل «الكان» كيف أن رونار يصر على استدعاء بلهندة بشكل متكرر واصفا اللاعب بـ «لاعب النادي» وليس المنتخب؟
وهو من قال أيضا أن بنعطية وهو يستقبل هدف الفراعنة يبدو وكأنه يلعب بـ «الغرافاطا» في إحالة على تجنب العميد المواقف التي فيها التحام وعراك وحوارات ثنائية عنيفة؟
اليوم عاد الجنرال ليحل مكان جنرال آخر ترجل من منصبه مكرها، عاد وهو عارف بخبايا البيت وليس مثل تجربته السابقة حين ترك مفتاح مدينة الجديدة خلف ظهره ليختار الإرتماء في حضن فريق عالمي يقوده ربان متهور.
لم ينس بن شيخة غصة الإقالة من طرف بودريقة والمغادرة من الباب الخلفي براتب شهرين بعد 3 دورات على انطلاقة البطولة وفي مرتبة متقدمة.
لم يستسغ علقم تلك الإقالة فقرر ترك المغرب وطار للإمارات ليدرب كلباء ويبدل الساعة بأخرى ريثما يستوعب الصدمة.
وحين يعود اليوم بن شيخة للرجاء مدربا وقبلها كان في ثوب المحلل يعدد انتكاساتها وإكراهاتها، فإنه كان واثقا ألف بالمائة أن من يقف في موقف الضعف هو من يقود الرجاء وليس بن شيخة، كون حسبان كان لزاما عليه سد ثغرة خروج فاخر وبأقصى سرعة ممكنة، لردع ربيع الثورة المعلنة ضده ولأنه رئيس يؤمن بمقولة «أنا أوقع العقود وأظهر في الصور إذن أنا موجود».
تفهمنا إذن هذه النظرة الفلسفة التي يعالج بها حسبان أموره ليبرز تحديه ووجوده، لكن ما لم أستوعبه هو أن يكرر حسبان نفس أخطاء بودريقة الذي ترك السفينة وفيها ثقب كان سبب غرقها.
شيء لا يصدق أن يكون رئيس الرجاء قد قبل بهذه المغامرة المجنونة وهذه الخطوة التي تجعل من بن شيخة الذي خسر من غيرتس برباعية في مراكش، ثاني أغلى مدرب بشرط جزائي يعبر من هنا ولو فعلت الرجاء إقالة تحت وقع الإكراه فستكون قد وضعت رقبتها تحت سيف يساوي نصف مليار.