أولا وبعد التحية والسلام والإعتذار عن غياب الكلام.. أدعو المتتبع والقارئ الكريم أن يقرأ معي سطوراً إستفزتني.. لربما يصلهم أيضا فيروس الإستفزاز:
«إستبق وزير الشباب والرياضة محمد أوزين إجتماعا مع مسؤولي (الكاف) خلال أسابيع.. فأكد لرويترز أن (بلده) قرر وبشكل لا رجعة فيه تأجيل كأس الأمم المقررة على (أرضِه) في يناير المقبل.. بسبب تفشي وباء الإيبولا..»، وقال أوزين: «لا ينبغي المغامرة بأحد أهم عوامل نجاح البطولة وهو الحضور الجماهيري».
إنتهى كلام الوزير من خلال القصاصة.. ومثلما لاحظتم أن كلمات «بلده» و«أرضه» لا تثير الإستفزاز فحسب.. بل توحي بالغثيان وتحيل على النرجيسية والغرور..
وحسب معلومات العبد لله المتواضعة أن هذا البلد.. «بلد» المغاربة ملكا وحكومة وشعبا.. والأرض «أرض» الله والأجداد.. فأين هي «أرضه»؟
ومن يكون هذا الوزير الذي غاب عنه ميزان الكلمة «الزوينة والموزونة»؟.. وعن أي جماهير يتكلم؟.. هل عن الأفارقة الذين يصد الباب في وجوههم؟ ولن أستعمل لغة الخشب وأقول أنه يسير عكس سياسة البلد؟
عاهل البلاد إنفتح ومنذ قدومه على الجنوب مطبقا اليوم بعقل وتروي وبصيرة وحكمة.. سياسة اليد الممدودة لأبناء القارة السمراء.. ويكفي أن نقرأ بين سطور الرسالة السامية التي وجهها للمشاركين في الملتقى التاسع لمنتدى التنمية من أجل إفريقيا..
يقول صاحب الجلالة: «إن قارتنا لعازمة كل العزم ومستعدة كل الإستعداد لإطلاق دينامية جديدة من أجل بروز إفريقيا»، ويضيف نصره الله: «قضية التنمية في إفريقيا لا تتعلق بطبيعة الأرض والمناخ رغم قساوته في بعض المناطق، وإنما بما تم تكريسه من تبعية إقتصادية ومن ضعف الدعم».
إذن فأين نحن من قرار الوزيرين المرعوبين من الإيبولا.. إنطلاقا من خطاب المنصور بالله ليوم الجمعة الأخير.. قبل «فقاعة» أوزين لــ (الكاف) وكأنها مصلحة من مصلحة وزارته أو جامعة لقجع التي كانت آخر من يعلم:
- «مغربي وأفتخر واللهم كثر حسادنا».. عبارة ستظل موشومة في ذاكرة كل مغربي مجبول على الكرم والتفتح.. نطق بها عاهل البلاد الذي بعث قبلها ومنذ اعتلائه عرش أجداده الميامين.. برسائل جنوب/جنوب وهو يزور بلدانا إفريقية.. يفتح أحضانه لبلدان هذه القارة التي يمثل المغرب غصنا من أغصانها.. أو كما قال والده الراحل الحسن الثاني «المغرب شجرة جذورها في إفريقيا».. يلتقط صورا مع مواطني كوت ديفوار والغابون وغينيا ومالي.. بدون بروتوكول ولا هم يحزنون.. ألم يكن يقول أن المغرب جزء لا يتجزأ من هذه القارة.. يفرح لفرحها ويشاركها همومها.. فأين نحن مرة أخرى من قرار مول الكرة والشباب؟
قبل أن يصدمنا وزيرنا بالبلاغ/النزوة ما بعد العشاء كما تعود منذ جلوسه على كرسي الكرة.. كانت حكومة المغرب توقع شراكات مع دول إفريقية صديقة.. وكان رئيس الحكومة يستقبل رئيس كوت ديفوار.. ويصافح بالأحضان وفده كما كان حليفه ورفيق درب حكومته مزوار يؤكد استعداد المغرب لاستقبال وفود إفريقية في مؤتمر عالمي.. ضاربا عرض الحائط بدورية وزارة الصحة.. التي تحاول تسياق دار الكرة بدل «كولوارات» سبيطارتها؟
أليس في هذا كذلك تضارب محرج يجب البحث عن متخذيه؟.. مغرب الـ «كان» هو نفسه المغرب الذي يفتح شواطئه لأفارقة الباطيرات.. وسماءه للقادمين العابرين عبر ترابه وحدوده الأرضية؟ فلا السمك أصابه الإيبولا  ولا البحر ثلوت.. ولا الطيور غادرت سماء أجمل بلد في العالم..
ما أعرفه بحكم تجربتي المتواضعة أن المغرب مهدد كرويا.. بعقوبات ثقيلة إذا خالف لوائح (الكاف) و(الفيفا).. وما أعرفه أيضا أنه إذا تقرر التأجيل الذي بشر به الوزير.. أو ترحيل الـ «كان» أن الزاكي ووليداتو لن يشارك لا في الـ «كان» الحالي ولا القادم.. إذا ما أصر وزيرنا على عدم إعادة النظر في بلاغه الأحادي وفي غياب أي تصريح حكومي وناطقها الذي لم ينطق لحد كتابة هذه السطور باستشارته لمحيطه الإقتصادي والدبلوماسي..
والعبد لله ينطق هنا بكاسكيط المغربي وليس بالكافاوي ولا بطابور خامس خوفا من أن نخسر ديبلوماسيا وهو الذي إنتبه إليه ويحاول تجنبه زميل وزيرنا في الحكومة صلاح مزوار الذي يجتهد في إصلاح أخطاء النزوات الأحادية مع قارتنا..
عندما يحاول الوزير تحويل الـ «كان» لخبر كان.. فإنه يرمي بكبرياء المغرب وبكرم ضيافته.. وبقدرته على التحكم والوفاء بوعوده.. وهو البلد الذي نظم مسيرة خضراء تحدى بها الطبيعة والإستعمار والأوبئة..
ظل المغرب فاتحا سماءه للأفارقة من خلال طائرات «لارام».. (أليس هذا بقرار حكومي، أم أن السيد بنهيمة كيدير لي فراسو) واليوم يحاول السيد الوزير أن يهين شباب إفريقيا بصد الباب في وجوههم.. ونحن الذين دعوناهم بالأمس من خلال سلفه بلخياط.. فلماذا اليوم ننبذ حضورهم باسم «إيبولا».. ولحكومتنا في وزرائها نزوات؟
نعم أنا مغربي حتى الموت.. وأنا مغربي أفتخر بمغربيتي.. ولا أتمنى أن يصاب أبناء بلدي بأي مصيبة أو مكروه.. ونحن شعب تحدي وبإمكاننا ركوب التحدي مثل باقي دول العالم كالسعودية التي فتحت أبوابها للحجيج رغم كرونتها.. واليابان وتسونامها لبطولات مختلفة... نعم يمكننا التحكم في الداخلين إليه والعابرين حدوده بفضل رجالاتنا وأعينهم التي لا تنام إذا ما رغبنا في محاربة كل ما من شأنه أن يعرقل مسيرة هذا البلد المعطاء رغم كيد الكائدين وحسد الحاسدين..
في انتظار أن يطفئ سيادته «إي.. بولا» النزوة.. بإجراء (الكان) فوق «أرضه» و«بلده».. نرفع أكفنا للسماء «باش ما يكترش الشوماج ومخلفاته».. في البلد وأن تتدخل الحكومة في التوجيه لعين العقل بقرار جماعي وقبلها للتحدي بتوقيف نزيف حوادث السير التي تقتل المغاربة سنويا أكثر من يقتل وباء الإيبولا منذ ظهورها..
والله يحد الباس من سياسة الكيل بمكيالين..