لم يكن خروج الجيش من دوري أبطال إفريقيا سوى تحصيل حاصل لمجموعة من الأسباب والمسببات، التي جعل الفريق العسكري يوقع على خروج كارثي ومبكر من منافسة كان هو الأول من صعد على منصتها على صعيد الأندية المغربية..

 سمحت لي الفرصة أن أعاين وأتابع لحظة بلحظة تنقل العساكر لمالي لمواجهة ريال باماكو، سمحت لي الفرصة أن أخطو مع الجيش تضاريس هذه الرحلة من بابها إلى محرابها،كما  سمحت لي الفرصة أخيرا الوقوف على الظروف التي  واجه فيها   ريال باماكو الذي طار ببطاقة التأهل، حيث كنت شاهدا على ثلاثة أيام قضاها الجيش بباماكو ،وهو  يحمل زاد تعادل 2/2 أكثر ما يقال عليه أنه مخيب ويجعل من مهام العساكر صعبة.

لذلك مخطئ من يقول  أن الأجواء الإفريقية شكلت عائقا أمام الجيش، لأن الظروف التي كنا نتحدث عن قساوتها سابقا  لم تعد في الواقع البعبع الذي يؤرق اللاعبين ولا الشبح الذي يخيفهم، ولم يكن هناك من تأثير سلبي سواء في ظروف الإقامة أو الملعب أو التحكيم، وغيرها من العوامل التي غالبا ما كانت تقف حجر عثرة أمام طموحات الأندية المغربية في الأدغال الإفريقية.

والأكثر من هذا أن الظروف كانت أكثر من مُغرية ليؤدي العساكر مهامهم على أحسن وجه، ذلك أن ظروف الإقامة كانت في المستوى، ويكفي أن صاحب فندق ماندي الذي أقام به الفريق العسكري لم يكن  سوى الأسطورة المالية والإفريقية ساليف كيطا كأول لاعب يفوز بجائزة أفضل لاعب في القارة السمراء، ذلك أن معرفته بالكرة المغربية واحترامه لها دفع به ليضع إقامة في المستوى للبعثة العسكرية، رغم أن الفندق يتوفر أصلا على الظروف المواتية.

أما ما يخص مسرح الملعب فلم يكن هناك من مشاكل، رغم أن الملاعب في الأدغال الإفريقية كانت واحدة من الأسباب  التي تؤثر على المستوى التقني لأنديتنا،  وهنا أستطيع القول أن ملعب ساليف كيطا كان هو الآخر بريء من إقصاء العساكر، والأكثر من هذا أن أرضيته هي أفضل بكثير من بعض ملاعب بطولتنا  التي يمارس بها الجيش.

ولأنها علاقة وطيدة تلك التي تربطنا بالشعب المالي، وكذا للحب الذي يكنَه لنا والاحترام لكرتنا بفضل نجوم المغرب بالأمس القريب، فقد كان من الطبيعي أن نلقى حفاوة رائعة وتشجيعا كبيرا أبعد اللاعبين عن كل ضغط نفسي، والأكثر من هذا أن الجيش لاقى المساندة والدعم من من أنصار الأندية التي تنافس ريال باماكو بالعاصمة المالية ، ذلك أن مشجعي سيركل باماكو ودجوليبا والملعب المالي وغيرهم تعاطفوا مع العساكر وأشعروهم بدفء المساندة ذوَبت هاجس الاغتراب.

هي العناوين البارزة والظروف التي عشت مع الجيش وهو يواجه ريال باماكو، ولا شك أن من يقف على هذه الصور المختصرة لرحلة باماكو، سيتساءل كيف أن الجيش فرَط في التأهل ولم يقو على العودة غانما من باماكو ببطاقة التأهل..

الإجابة من دون شك ستكون بسيطة، لأن الجيش وبصريح العبارة هو من جنى على نفسه، هومن جعل بطاقة التأهل تهرب منه، بدءا بسوء تدبير مباراة الذهاب والأخطاء القاتلة التي تسببت في هدفين، مرورا بضياع الفرص في الذهاب وقلة تجربة مجموعة من اللاعبين وحماس الفريق الحسم، وانتهاءا بأن الجيش يعيش وضعا متقلبا ومتغيرات ومشاكل خفية  جعلته يفقد الشيء الكثير مقارنة بالموسم الماضي.

هو الدرس البليغ والمجاني للجيش ، ولو أن الفريق العسكري لم يكن بحاجة لدروس اعتبارا لتاريخه وإمكانياته المادية والبشرية ولتجاربه، لكن على الأقل سيمكن العساكر من إعادة قراءة أوراقهم مرات ومرات، لفهم  أن النجاج يأتي بالتخطيط المعقلن والتدبير الاحترافي ولم  يعد يعترف  بالصدف والمفاجآت.