ما كنا نعتقد يوما أننا كلما فتحنا صفحات الكرة المغربية إلا وتصدمنا مشاكلها وإخفاقاتها، تصدمنا أحوالها التي لم تعد تسر لا حبيبا ولا عدوَا، فبعد أن كانت النجاحات عنوانا لها باتت المشاكل زبونا دائما  وأخبارها مرتبطة إلا بما هو سلبي، بعيدا أن أجواء الفرحة التي غابت طويلا عن الشارع الكروي المغربي.

زمن السعادة قد ولى وكأني بالكرة المغربية أصبحت مختصة بل متألقة في إنشاد المرثيات والمشاكل، لأنه بكل بساطة من يديرون الشأن الكروي  تائهين وسط وحل المشاكل، فجامعة الكرة نفسها تعيش حالة نشاز منذ فترة في ظل وضعية غير قانونية، وبالتالي لن ننتظر أخبارا سارة ما دام أن الجامعة التي تعتبر قاطرة كرتنا نفسها غير قادرة للتخلص من مشاكلها، وتنتظر إعترافا قانونيا وحقيقيا من جهاز الإتحاد الدولي لكرة القدم. 

نطرح أسئلة في بعض الأحيان ويتعذر علينا إيجاد الجواب الشافي والكافي، نتساءل عن هذا الطريق الذي باتت تسير فيه كرتنا، بعد الأحداث المستفزة التي أضحت تعرفها الأندية والتي كان بطلها هو الجمهور.

لأن الجماهير هذه المرَة خطفت الأضواء وتحولت من وسيلة لدعم الفريق إلى وسيلة للعبث وزرع الفوضى، إذ ما كنا ننتظر أن يزيغ الجمهور عن مهمته كداعم أول للفريق سواء في السراء أو الضراء، بدليل ما عرفته أندية الوداد والوداد الفاسي وشباب خنيفرة من أحداث مشينة تأسف لها الرأي العام وجعلت من كل المتتبعين يضعون أيديهم فوق رؤسهم مندهشين أمام ما آلت له علاقة الجمهور بفريقه.

الوداد الفاسي سقط برباعية نظيفة أمام الرجاء، ولم يكد يستفيق لاعبوه من هذه السقطة القوية حتى وجدوا أنفسهم أمام اختبار من نوع آخر في إحدى التدريبات بعد أن  اختارت جماهيره أن تحتج بطريقة قوية على اللاعبين، وكان من نتائج هذا الاصطدام إصابة الحارس بورقادي في القدم وغيابه لثلاثة أسابيع عن الممارسة.

لم يتقبل الجمهور الفاسي هذه الخسارة مع أن الواف واجه فريقا في أفضل أحواله وهناك فوارق كبيرة بينهما، لذلك اعتبر المتتبعون أن الخسارة تبقى عادية، فمثلما عاد الوداد الفاسي بفوز ثمين أمام أولمبيك أسفي وتقبل جمهوره هذا الإنتصار، كان عليه أيضا أن يقبل بالهزيمة إيمانا منه أن كرة القدم لها يومان، يوم لك ويوم عليك.

آفة انتفاضة الجماهير لم يسلم منها شباب خنيفرة الذي يعتبر من ظواهر بطولة القسم الثاني بامتياز وأحد الأندية التي تنافس على الصعود، هو فريق حديث الصعود من قسم الهواة إلى القسم الثاني وصاحب المركز الثاني والفريق الذي يعتمد بنسبة كبيرة على أبناء منطقته وبالتالي لم يخسر مسئولوه الأموال الطائلة على غرار مجموعة من الأندية لتعزيز صفوفه، كلها مميزات لم تشفع للفريق الزياني أن يجد مكانا حقيقيا في قلوب جماهيره، بعد أن نال كل أنواع السب والشتم بكلمات نابية في مباراة اتحاد وجدة، صورة كانت مسيئة لفريق تحمل أعباء هذه الانتفاضة الجماهيرية طيلة أطوار المباراة، ومن سخرية القدر أن شباب خنيفرة فاز بالمباراة رغم تمرد الجماهير.

كان مؤسفا أن تصل الأمور لهذا الحد من العبث الجماهيري، فعوض أن يستبشر الجمهور الخنيفري بما حققه فريقه من نتائج، وعوض أن يؤمن الجمهور الزياني بفريقه أبى إلا أن يزرع الألغام في طريقه ويشوش على مساره فريقه الجيد.

وعانى الوداد هو الآخر بعد تهجم الجماهير على اللاعبين والمدرب في إحدى التدريبات على طريقة الأفلام الهوليودية، في صورة تعكس ما آل إليه الوضع داخل هذا الفريق الذي تأثر كثيرا بمشاكله.

نعرف أن الجمهور يبقى معادلة هامة وحلقة رئيسية في المنظومة الكروية، وله تأثير كبير على النادي، نعرف أيضا أن دوره يبقى إيجابيا حتى أن النادي لا يعني شيئا بدون الجمهور، لكن ما تابعناه من مشاهد من خلال الأمثلة المذكورة يتأكد معه أنه من الصعب على أي فريق أن يتقدم وجمهوره  يقسو  عليه بالإعتداء والسب والتشويش، هناك طرق كثيرة للإحتجاج، طرق حضارية تنبني على النقاش الهادف والنقد البناء، لأن زمن العنف قد ولى، لذلك يجب استحضار  العقل لتذويب كل المشاكل حتى لا تتحول هذه الجماهير التي نتوخى منها الشيء الكثير  للمساهمة في تطوير منتوجنا الكروي إلى عقلاء بالجسد ومجانين بالأفعال.