نتيجة مباراة أمام كوت ديفوار لا تهمني في شيء ولن تشكل لي مرجعا ولا وحدة للقياس ولا تعنيني لتكييف هذا الحكم الذي قد يتشاطره كثيرون كما قد ينبذه آخرون ويروا فيها تحاملا مع سبق إصرار وترصد وحتى سوء نية.

كنت واثقا أن هذا «الشان» لن يمر مرور الكرام ولن يعبر دون أن يخلف وراءه آثارا وكدمات كثيرة وبالفعل صدق حدسي، لأن ولادة هذا الـمنتخب الـمحلي كانت مشوهة ومنذ البداية بعد أن تعاون عليها أكثر من «قابلة»، والمثل يقول «يدي ويد القابلة التليد يخرج أعوج».

ونحن نتجاذب أطراف الحديث والنقاش داخل أسرة «الـمنتخب» بعدما بالغ بعض من المحللين والمحرمين والجماهير في استحضار التعادل الأول أمام الغابون على أنه نكبة وكارثة، وكأن كرتنا المغربية (منتخبات وأندية) ما أن تشارك في تظاهرة قارية حتى تقبض عليها، وكأننا لا نعود كل مرة نزور فيها مسابقة خفافا ونكون أول من يغادر.

 في ذات النقاش المشخص لواقع هذا المنتخب المحلي ومشاركته راقني ما قاله الزميل بدر الدين الإدريسي، حين أكد أن منطلق الخطأ كان لحظة التنصيب والتعيين (مدربا الأسود والمحليين) وشبه المنتخبين معا بدولتين يتقاطعان على مستوى الحدود وتعادي كل واحدة منهما الأخرى وكل دولة سيجت حدودها بأسلاك صاعقة ممنوع الإقتراب منها أو لمسها وعلاقتهما الدبلوماسية مقطوعة.

الزاكي بمحترفيه المحصنين والمستهترين في نظر البعض الآثم، وفاخر بمحلييه المحتقرين والمستبسلين في تصور آخرين المبالغ فيه، وهنا كانت تكمن الخطورة التي لم تلتفت لها الجامعة.

كان يكفي أن تناط بالزاكي مهمة الجمع بين الأسود والمحليين فيكون مالك المحمية وراعيها فلا يخضع لا لضغوطات من هذا أو ذاك وهو الـمؤهل لتأهيل وإلحاق الأصلح بالفريق الأول دون أن تملى عليه لا ملاحظات ولا توجيهات.

وكان من الممكن الإستفادة من خبرة فاخر ومنحه شرف قيادة منتخب أخطر من المحلي وهو الأولمبي وأن يوضع في محك أكثر حساسية وهو القبض على تأشيرة التأهل للألعاب الأولمبية التي مرت بمحاذاة أدننا بعد أن خسرها بنعبيشة أمام تونس في وقت كان فاخر قد روض محلي تونس بعقر دارهم بتصفيات (الشان).

لو حدث هذا كانت الجامعة ستنتصر لتدبير الحكمة، ولتفادينا كثير من النوايا السيئة ومن يتربص بالمحترفين ويعقد المقارنات السوريالية حين يضع ما قام به المحليون أمام ليبيا في نفس مرآة التقييم مع ما أنجزه الأسود، ليخلص للخلاصة المعتوهة والمريضة التي لا تستقيم مع العقل والمنطق كون المحليين أفضل من الأسود.

«الشان» هو الـمرآة التي كشفت عيوب الوجه، وتجاعيد الكرة المغربية وندوبها وتشوهاتها، «الشان» عرى آخر ورقة عن عورة البطولة التي تحمل صفة الإحترافية وهي ليست كذلك، وإلا كيف نصف بطولة أوغندا والنيجر ومالي والغابون، والتي لو اجتمعت كلها لما بلغت ميزانية الوداد والرجاء معا.

في بطولة عقيمة تنتخب مهاجما تسميه بنجلون ليكون ممثلا لباقي المهاجمين في خط هجوم المحليين وفي رصيده هدف واحد في 15 مباراة، وفي بطولة  يتصدر مخضرم اسمه رفيق قائمة هدافيها بــ 6 أهداف بمعدل أقل من نصف هدف في المباراة الواحدة ونصفها من ضربات الجزاءات، لا يمكن أن نحلم بالكثير.

بطولة تضم 16 فريقا وكل فريق يضم 28 لاعبا ويستعصي عليها أن تنجب ظهيرا أيسر مميزا ويكره فاخر على تحمل حرج بالغ باصطحاب لاعب مصاب هو الكروشي، هي بطولة مريضة بكل تأكيد وهنا خلل ما.

بطولة لا تقدم لنا صانع ألعاب مميز ويظل لمباركي «يخبط»  يتفنن وهو بسن 35 سنة و لا أحد يجاريه، ويأتي الراقي ويلعب الديربي الذي هو أهم مباراة بالموسم بعدما أمضى 6 أشهر عاطلا ونصفها في نقاهة مرضية نتيجة لإصابته بــ »بوصفير» هي بطولة بلا إيقاع بكل تأكيد.

بطولة تصدر الوهم باسمها وصفتها وإيراداتها ومنح الجامعة للأندية والعيش الرغيد الذي أصبحت عليه، ويخسر فيها فريق عالمي اسمه الرجاء أمام فريق غيني صغير اسمه حوريا كوناكري ويطارده في «الطاس» السويسرية  لاستئناف الإقصاء ولا يعبر الوداد ولا الجيش ولا الفتح حواجز الأدوار التمهيدية، هي بطولة خادعة بكل تأكيد.

بطولة تستهلك بضاعتها فيوقع لاعب في الصيف ويفسخ ارتباطه بالشتاء، وبعدها يقف على باب الجامعة ينازع ناديه ويضطر الرجاء والوداد لاستيراد اللاعبين من الخارج وهم الذين كانوا لأمس قريب مشتلا ومنجما يصنع الذهب هي بطولة تصدر اليأس ولا شك.

لذلك أنا من الذين يطالبون بعد مقارنة اقتنعت بها لحضور لاعبينا أمام أشقائهم الأفارقة وبغض النظر عن المحصلة النهائية، أن تتم مراجعة عقودهم والمبالغ التي أصبحوا يتقاضونها وأن يخضعوا لضريبة الدخل ومنح المردودية، لأنهم بالغوا في «الفشوش» وماعادوا قادرين على الإبداع.

أرى أنه حان الوقت لنصارح أنفسنا أننا صرنا في واد، والكرة الإفريقية جنوب الصحراء في واد آخر، وعلى أن بطولتنا تنتحل صفة الإحتراف وهي غير مؤهلة له.

بطولتنا صحيح محترفة، لكن للهواية من فضلكم؟؟