مؤكد أن فوزي لقجع وقد عقد العزم على ركوب البحر غير متهيب من شدة التيار ومن علو الموج، مؤكد وقد كتب له قيادة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم التي كانت لفترة زمنية طويلة في بؤرة حارقة يشتد عليها لهب النقد، كان يعرف بأي سرعة لا بد وأن يمشي، وأي خيارات يطمئن إليها وأي فريق عمل يستند على صبره وقوة شكيمته وأهليته ليمشي في طريق ليست كلها ورود، وكان يعرف فوق هذا وذاك أنه لا بد وأن يبدأ من حيث إنتهى سلفه علي الفاسي الفهري، أي أن يكون مستوعبا لكل الدروس التي مرت من أمامه وكان بعضها ثقيلا في ميزان العمل.
ولا غرابة إذا أن يكون فوزي لقجع قد شدد على أن التواصل سيكون هو المحدد لمنهج العمل ولطبيعة العلاقة المفترضة بين لقجع كفكر وبين شخص رئيس الجامعة الذي يلبسه وبين كل مكونات العائلة الكروية، وقد إستمع كلنا إلى المقاربة النوعية التي قدمها لقجع عن التواصل كما يفهمه هو وكما يريده بالحجم والمقاس والنوع الذي يتلاءم مع خصوصيات المرحلة، ولا ننكر أنه قدم ملمحا عن هذا التواصل بمستواه الأول عند تعاطيه مع الورش الإستعجالي المتمثل في تعيين ناخب وطني جديد للفريق الوطني، إلا أن ما سيحدث بعد ذلك عند التواجه المباشر مع الأوصياء على التواصل، الإعلاميون الذين هم بشكل عام مؤسسون للرأي العام الرياضي وأمناء على أمانة الإخبار والتبليغ والتحليل والنقد طبعا، سيؤكد أن العملية ليست بالسهولة واليسر الذي كان يتصوره فوزي لقجع، فلهذا التواصل طبيعة معقدة وتضاريس صعبة، يعذر سلفه علي الفاسي الفهري أنه تركه بالكامل خوفا من أن تتكسر فيه الضلوع وينفذ لديه الصبر، فقد كان أهون عليه أن يتهم بضعف التواصل على أن يشنق في مقصلة التواصل.
أمكنني أن أتابع بعضا من الخرجات الإعلامية للسيد رئيس الجامعة، بخاصة تلك التي أوفى بها لسياقاتها أو لحساسيتها سواء عند مصاحبته للجنة المعاينة التي أوفدتها الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم إلى المغرب أو عند تقديمه للزاكي بادو ناخبا وطنيا، ووقفت على ما يمكن أن يقاسيه رئيس الجامعة في الوفاء بالوعد الذي قطعه على نفسه، بأن يكون رجل تواصل بامتياز، فالأمر لا يقف عند وجود مهارة في التبليغ وقدرة على الإستمالة والإقناع بالسيطرة الكاملة على ناصية لغة الخطاب، ولكنه يتعداه إلى إنتاج إستراتيجية متكاملة للتواصل لا تقف عند شخصه كرئيس للجامعة ولكن تتعداه إلى مؤسسة الجامعة، وأعتقد أن فوزي لقجع وقف على فداحة الخصاص وعلى ضعف الرصيد وأيضا على الفقر الكبير في الكفاءة البشرية الذي تعاني منه الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وبات مؤمنا بضرورة وضع إستراتيجية للتواصل وإيجاد الآليات الكفيلة بإنجازها لتصبح الجامعة التي يقوى حولها اللغط وتتناثر على حواشيها الشائعات شفافة، واجهتها من زجاج.
الجامعة قبل أن تتواصل مع الرأي العام الرياضي الوطني باعتماد نظام يسهل الوصول إلى المعلومة لكل الصحفيين لتكون هي وقود أي عملية نقدية، عليها أن تتواصل مع كل مكونات الفعل الكروي التي تأتمن هذه الجامعة على مصيرها، فأي مبادرة وأي قرار لا بد وأن يكون بمشورة كاملة مع من يعنيهم القرار أو الإجراء لتكتمل قواعد الإستشارة والتشارك بناء على قواعد التواصل.
وأكثر ما يستفزني، أن يتنطع بعض المسيرين ممن هم حديثو العهد بتدبير شأن كرة القدم وأن تأخذهم الحمية، فيصيبوا الصحفيين بظلم كبير عندما يصفون بعضهم أو جلهم بمحترفي الشائعات وعندما يرون أن الإنتقادات التي تصيبهم هي بتحريض من أجندات بعينها، وأبدا لا يعترفون على أنفسهم بأنهم هم من شرعوا الأبواب للشائعات عندما أوصدوا أبواب التواصل ووضعوا عليها المزاليج والأقفال.. أنا لا أنفي وجود تجاوزات ولا أنكر وجود فئة من الإعلاميين غير المؤطرين مهنيا بالشكل الذي يجنبهم ويلات الشائعات ويعرضهم لإصدار أحكام قيمة مؤسسة على معطيات خاطئة، ولكنني مصر على أن الصحفيين هم أبناء بيئتهم ومتى كانت البيئة الرياضية نظيفة وقائمة على أصول الإحترافية ومحترمة للإختصاصات ومؤسسة على التواصل، متى كان الصحفيون أمناء بالمعنى الواسع على الحركة الرياضية يتعاطون معها بكل مهنية وصدقية ويحصلون منها على كل أنواع الإحترام والتقدير.
إذا كان العمل وحده هو ما سيقدم جامعة لقجع للرأي العام الرياضي الوطني، فإن التواصل هو أول ما يمكن أن يشفع لجامعة لقجع أي خطأ يمكن أن يرتكب، ما دام أن الخطأ هو من طبيعة العمل.