أجبرنا على احترمه لاعبا فذا، وأرغمنا على أن نعشقه فيلسوفا وفنانا ملهما بالملاعب الفرنسية والإيطالية وختمها بحبة الكرز التي وضعها فوق كعكة تاريخه المشع والحافل وهو يلحق بفريق القرن وفريق الهوى والعشق ريال مدريد، ولو لم يفعل ذلك لظل حياته يندب حظه بأن لم يعبر من دروب هذا النادي الأسطوري والذي به ومعه تكتمل أسطورة كل لاعب ولا عزاء لمن لم يتدثر بلونه الأبيض.
من يعشق زيدان خاف على زيدان وهو يقبل على جمرة تدريب ريال مدريد في زمن عصيب ليصلح أخطاء المتغطرس بيريز ويمحو زلات البئيس بينتيز، لأن من يعشق زيدان خشي أن يدهس قطار مدريد وجنون بيريز هذه المعلمة فيحولها لحطام وتنتهي معها لوعة رجل بالكرة وجلدها المدور المنفوخ بالريح.
خشيت على زيدان يوم وضع بيريز أمانة الملكي الهام والملكي الشامخ بين يديه وقلت «يال خبثك يابيريز ويال مكرك يابيريز» حين جنح لامتصاص غضب عشيرة ومريدي الريال بأن جلب لهم الطبيب والملهم والفيلسوف والحكيم ليبتلعوا غضبهم، مع ريق الإعجاب والتقدير الكامل والواجب لهذا الشخص الرائع.
وحين وضع زيدان بأهم اختبار في مساره التدريبي، وهو يتنقل بعد تواريخ الفيفا وفيروس مبارياتها الدولية لمواجهة البارصا التي قالوا عنها ورووا عنها أنها الفريق الذي لا يقهر هذه الأيام والفريق الذي لا تناله رماح الرماة، زاد قلقي على الرجل ونيران صديقة تنال منه وأبرزها لهيب الحاقد رامون كالديرون والذي جيش الجيوش لقصف زيدان إعلاميا يوم واحد قبل نزال الغضب حين قال أنه مدرب درجة ثانية أو ثالثة وريال مدريد أكبر منه.
بل زاد توجسي وأنشيلوتي من رافق زيدان في رحلة القبض على العاشرة الغالية خرج بدوره بتصريح مثير قال فيه «لا أرى حظا لزيزو أمام برشلونة أتمنى أن يكون الكلاسيكو رحيما به».
ألم يعلم هؤلاء أن زيدان هو من فصيلة الدناصير ومن طينة الفيانق وهو طائر الرخ الأسطوري الذي لا تتكهن بما قد يأتيه إن أنت بعت جلده قبل يقينك من قتله؟
ألم يستحضر هؤلاء الحمقى ما فعله زيدان يوم أشعل «الشانزيليزي» كله بأنوار البهجة وهو يقود فرنسا لأول ألقابها العالمية بمفرده متحديا نجوما صناديد زخرت بهم منتخبات فاقت فرنسا في الخبرة والتاريخ وبعدها كررها بالأورو.
ألم يتذكر كالديرون أن زيدان هزم البارصا وحده في نصف نهائي الأبطال يوم سجل بمرمى بونانو وقاد الملكي بعدها للقب الألماسي التاسع بهدف أنطولوجي لا يتكرر؟
إنه زيدان يا سادة، زيدان الفنان الذي ضيق المساحات وخنق أضلع البارصا و تقنص شخصية مورينيو الصارم دون أن يتخلص من رداء الفنان وعزف الفنان وهو يروض برشلونة التي ظهرت قزما في حضرته.
ما قام به ريال مدريد مع زيدان بالنيو كامب  كان ولا في الخيال، والخطة التي لعب بها زيزو  تستحق أن تدرس وفيها انتصار لأسطورة هذا الرائع الذي عشقناه بغض النظر عن جنسيته وتعاطفنا معه.
بعد نطحة الأرينا بإيطاليا ها هو زيدان ينطح كالديرون وأنشيلوتي ولويس أنريكي ويضيفهم لماتيرازي.
يومها إستحق العملاق ماتيرازي النطحة لأنه استفز الأسد وظل مصدر الإستفزاز سرا بعد مرور عقد كامل، أما نطحة الكلاسيكو فكانت باللاسيلكي لكالديرون وباقي الأقزام.