هل نقول أن الوداد خسر موعده مع التاريخ؟
أم نقول بكل بساطة أن الوداد نسي أن يأتي أصلا لمحطة المونديال في الموعد، ففاته القطار برغم ما بذله من جهد؟
كل الأسئلة ستقودنا لنفس الإجابة، وهي أن الوداد مر بمحاذاة كأس عالمية ترسخ في الذاكرة وتشكل لحظة فخر أخرى يتباهى بها الوداديون قبل المغاربة، وأبدا لا يمكن للإحباط مهما عظم وكبر برؤية الوداد البيضاوي يخرج من مونديال الأندية بهزيمتين ومحتلا للمركز السادس، أن ينسينا ما أنجزه قبل شهر من اليوم وهو يقبض على كأس قارية غابت عنه لربع قرن، وما كحلت كرة القدم المغربية عينها بها منذ نحو 17 سنة.
أبدا لا يمكن للمظهر الشاحب هنا في مونديال الأندية بالإمارات العربية المتحدة، أن يخرجنا عن طوعنا ويحشو اللؤم في رؤوسنا، فنسفه ما كان ونحقر ما أنجز ونحول الوداد في لحظة غضب، من إلياذة جميلة إلى معزوفة بئيسة، من فريق بطل نثرت حوله الدرر والأنجم إلى فريق تقال فيه المرثيات أو تنظم فيه قصائد الهجاء.
مونديال الأندية هو لحظة هربت من زمن الوداد، هربت منذ الخسارة المحبطة والمقيتة أمام باتشوكا المكسيكي، ولا يسأل عن هذا الهروب الطوعي لا المدرب الحسين عموتا الذي يتردد كثيرا أن فلسفته تقوم على الكاتناشيو والخرسانات الدفاعية وتعدم ما دون ذلك، ولا رئيس الفريق سعيد الناصري الذي يتهمه البعض بتأخير وصول الفريق إلى الإمارات، ما تسبب في عطل كبير على مستوى حاسة التكيف مع فارق التوقيت، ولا اللاعبون الذين يتهمون بأنهم بالغوا في احترام قدرات باتشوكا وقد دلت كل القرائن على أنه فريق عادي.
لا يسأل أحد عن هذا الذي حدث، لأن نهائي عصبة أبطال إفريقيا إستنزف لاعبي الوداد واستهلك كثيرا من مخزونهم البدني ومما كان في وعائهم النفسي والعاطفي، وعندما حلت سريعا ساعة المونديال لم يكن لاعبو الوداد قد أعادوا شحن المخزون والبطاريات، بل لم يكن الوداد يملك قطع غيار تستطيع أن تنجح عملية المداورة، فلا الفريق الأساسي الذي لعب أمام باتشوكا المكسيكي نجح في السيطرة على المواقف العصيبة وفي تجاوز الإكراهات التكتيكية، ولا الفريق البديل الذي واجه أوراوا الياباني في مباراة تحديد المركز الخامس نجح في ترويض آلة يابانية تتحرك بنظام عجيب وتنضبط في أداء الأدوار.
في جملة واحدة، هذا المونديال السطحي بكل حصائله السلبية، لا يجب أن نحفر له قبرا لننساه أو لنتخلص من عاره، بل يجب أن يظل ماثلا في الذاكرة وحاضرا في كل تخطيط مستقبلي، فيصر الوداد على ملاحقة اللقب القاري من جديد ليؤمن التواجد في مونديال قادم ليعبر عن مقدراته وليطفئ لظى القلوب، وأكثر منها لابد وأن يكون مقدمة فعلية للتغيير نحو الأفضل، فإن كانت عصبة الأبطال الإلإريقية قد غطت بسبب ما تحقق من نجاحات على محدودية الترسانة البشرية، فإن مونديال الأندية أعطى الحق للحسين عموتا عندما قال في أكثر من خرجة إعلامية بعد التتويج باللقب القاري على حساب الأهلي المصري، أن الوداد تجاوز بكثير سقف الإنتظارات، بل إنه تفوق كثيرا على نفسه، لأنه نال التاج الإفريقي متفوقا على أندية هي أكثر منه غنى على مستوى التركيبة البشرية.
لقد أبرزت مرآة كأس العالم للأندية ما يوجد من تشوهات في البنية البشرية للوداد البيضاوي، والتي سيكون من العبث مواصلة العمل في وجودها، لذلك هناك حاجة لأن يقف الناصري بمعية المدرب عموتا إذا ما إقتضى الزمن الحالي للوداد أن يواصلا العمل سويا، على كل الحقائق التي أفرزتها عصبة الأبطال ودعمتها كأس العالم للأندية، وأم هذه الحقائق هي أن هناك حالة مستعجلة، تقتضي أن يستغل الوداد البيضاوي على النحو الأمثل الميركاطو الشتوي من أجل معالجة الإختلالات واستعادة التوازن المفقود على مستوى التركيبة البشرية، بخاصة وأن الغيابات الإضطرارية واللجوء للمداورة ومواجهة أوراوا الياباني بفريق البدلاء، أعطت كلها الدليل على أن بالتركيبة البشرية الحالية للوداد الكثير من العاهات، وأن الإحتفاظ بلاعبين بعينهم سيكون ضربا من ضروب العبث.