في جميع بطولات العالم لا يمكن أن نتصور دورة بشح الأهداف رغم الفرص الضائعة التي تعرفها المباريات، ولكن على الأقل نشاهد إحترافا كرويا راقيا داخل الرقعة على مستوى النهج الدفاعي والهجومي أيا كانت المقارنات بين القوي والضعيف والمتوسط، ومع ذلك نشاهد غزارة كبيرة في الأهداف والمتعة والفرص الضائعة أيضا، وعندنا في المغرب ثقافة مغايرة لهذا النهج الأوروبي أو اللاتيني إن لم نقل تظل مسيطرة على أجواء البطولة عادة في امتلاك معنى الإهدار الفوري لفرص لا تضيع على الإطلاق، وربما تعتبر مسلكا موجها للخسارة في حالة الضياع كما يقال عندما تهدر الفرص أكيد أنك ستخسر، والمشكلة الرئيسية في هذا التناول الخاص أن اللاعب المغربي غير جاهز لأن يكون مهاجما من الدرجة الأولى على مستوى دور القناصة أو الأدوار الخاصة في الأجنحة وصناع القرار أيضا، والحالة هاته أنك عندما تستقرئ فريقا ما في أية بطولة عالمية، ستجد وسطا يسجل وصناعا يسجلون وأجنحة تسجل وقناصة حاضرون في بورصة الصراع على لقب الهدافين، بينما كرتنا تميل نحو غياب هذا المعطى الأساسي مطلقا على مستوى التجانس المتكامل في صناعة الفريق المثالي بأقوى هجوم، وعندما تسأل أي مدرب مغربي إما داخل خانة التباري أو خارجه إن كان فعلا مدربا محترفا ومحترما لمنطوق واقع الكرة بالمغرب، سيقول لك أن اللاعب المغربي يهدر الكثير من الفرص أكثر مما يسجل، وسيقول آخر أن مهاجم البطولة لا يملك إحترافا عاليا في استغلال الفرص، وسيقول آخر أن المهاجم المغربي عندما يهدر السهل يسجل الأصعب من السهل، ويقول آخر أن ذهن اللاعب في عملية الفرصة الذهبية المتاحة يكون قد سجل ذهنيا ولكن يهدر في الثانية الأخيرة من العملية لأسباب تركيزية ليس إلا، وهذه الأجوبة عادة ما تدخل في سياق استرتيجية اللعب التي يحضرها أي مدرب كان أحوج للذهاء الهجومي وبحاجة إلى صناع ورجال مهرة في عملية صناعة الفرص، وما ضاع في مباراة الفتح والحسيمة وحتى مباراة الحسنية والجيش وأمثالهما كثير ومتنوع في حيثيات البطولة، يؤكد أن اللاعبين المغاربة محدودون في هوية احتراف الكرة على أن العمليات الهجومية لا تتكرر بنفس النموذج التي يتدربون عليها في مران الأسبوع، وحتى إن سجل لاعب ما هدفا بالطريقة والتركيز والتوظيف، لا يمكن أن يعيد ذلك في مرات متعددة، ولو سجل هدفا خرافيا، لا يمكن أن يعيده على الإطلاق كذلك، وفي ذلك قصور على مستوى الذكاء والتركيز وربما خوف مسبق من تسجيل الهدف في الذهن ولكنه غير حقيقي في الواقع، والحالة هنا تتأسس على غياب صناعة الأطر التي لا تمتلك هذا الوحي من الإرادة داخل القاعدة التي تهيئ لاعب المستقبل بالضوابط الأساسية لكرة قدم علمية واستراتيجيات يقال عنها مهنية ومضبوطة.
مشكلة إهدار الفرص، تعني أن الفرق لها مهاجمين عاديين يسجلون في الذهن مسبقا أثناء العملية قبل أن يفلتوا ذلك بمحض المفاجأة، وما أهدرته الحسيمة ضد الفتح  كمثال يؤكد أن اللاعبين محدودين في صناعة المفاجأة، وربما – وهذا واقع – من أن إقالة مديح كانت وراء النتائج السلبية وأقواها أقول أن الفرص الضائعة التي لا يراها أي كان تعتبر عاملا أساسيا في التأثير على النتائج وحتى إقالة المدربين مثلما حصل لفوزي جمال مع اتحاد الخميسات أيضا، ولذلك نحن أمام واقع تقني ملموس يشكل في الأصل دخول اللاعب في جوهر مشكلة الفرق التي تعيش مشكلات نتائج أو ألقاب أو أي شيء يدخل أيضا حتى في سياق غيابه عن الدولية داخل الفريق الوطني، ولا يمكن أن نتصور البعد الآخر على أن بطولتنا قوية بسيل الفرص، بل هي الأضعف في سياق ما يتاح أصلا من فرص ضائعة يتحملها وزر من يضيع ذلك، ولا مقارنة أصلية بين مباراة وطنية وأخرى أنجليزية بمقاس أندية متوسطة تعج مبارياتها بسيول فرص ولكنها على الأقل تسجل وتسجل دونما مراعاة أقوى أندية العالم الشهيرة التي يسجل مهاجموها ما يفوق ثلاثين هدفا مراعاة باحتساب قدرات رجال الوسط وصناع القرار أيضا في بناء العمليات، وفي مجمل القول نحن بعيدون عن النوع الإحترافي للاعب متكامل ومن المستوى العالي في البطولة الوطنية كسؤال جدير بالبحث عن مكامن خلله الواضحة على مستوى التأطير الضعيف بالقاعدة.